وأما الذنوب كالزنا والسرقة وشرب الخمر ونحوها فحاشاهم من التكفير بذلك كما تقدم، فسبحان من طبع على قلوب من شاء من خلقه بعدله.
والخوارج كفروا الصحابة رضي الله عنهم بما جرى بينهم من القتال، كما جرى في وقعة الجمل بالبصرة بين علي وطلحة والزبير وعائشة، وكما جرى بين علي ومعاوية في صفين، وتلك الذنوب لا يكفر فاعلها، والصحابة رضي الله عنهم لهم حسنات عظيمة ماحية: إيمان، وهجرة، وأعمال، وجهاد. فالخوارج إنما كفروا أهل الإيمان بالذنوب.
وهذا وأمثاله عادوا أهل التوحيد لما أنكروا عليهم الشرك بالله، ودعوهم إلى إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له، كما كان الصحابة رضي الله عنهم مع نبيهم صلى الله عليه وسلم وبعده، يأمرون بالتوحيد، وينهون عن الشرك.
فالأشبه بالخوارج على الحقيقة من يكفر أهل التوحيد، وينصر الشرك بالله والتنديد، بل هو أشد من الخوارج لأن الخوارج كفروا بالذنب، وهؤلاء كفروا بمحض الإيمان، كما قال العلامة ابن القيم:
من لي بشبه خوارج قد كفروا ... بالذنب تأويلا بلا إحسان
ولهم نصوص قصروا في فهمها ... فأتوا من التقصير في العرفان
وخصومنا قد كفرونا بالذي
... هو غاية التوحيد والإيمان
فالذي نعتقد وندين الله به وندعو إليه هو: إخلاص العبادة بجميع أنواعها لله تعالى، وننكر أن يصرف منها شيء لغير