للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظهورهم، وهي بذلك لم تساعد المسلمين كما تقضي المعاهدة ولم تبق على الحياد بل كانت تهديدا خطيرا للرسول وأصحابه، مما استدعى ما حل بهم من حكم حليفهم في الجاهلية سعد بن معاذ رضي الله عنه.

وعندما يأتي وات للحديث عن غزو الرسول صلى الله عليه وسلم لخيبر سنة ٧ هـ يذكر وات سبباً محتملاً، إضافة إلى تأليب يهود خيبر للعرب وهو سبب لا ينكره وات، وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد الحصول على بعض الغنائم التي يعوض بها أصحابه عن خيبة آمالهم في الحديبية قبل ذلك ببضعة أسابيع (١) .

رغم اعتراف وات بأن محاولات يهود خيبر تأليب العرب على المسلمين في المدينة كانت سبباً أساساً وراء غزو الرسول صلى الله عليه وسلم لهم، فإنه يضيف سبباً آخر جديرا بالمناقشة، وهو كما يزعم أن رغبة الرسول صلى الله عليه وسلم في حيازة بعض الغنائم ليرضي أصحابه، الذين خابت توقعاتهم بعد صلح الحديبية، دفعته لهذه الغزوة، وللدكتور عبد الرحمن سالم (٢) رد رزين على هذه الفرية نستحسنه، ومفاده: أن وات لم يحدد تماما ماذا قصد بخيبة الأمل، فإن كان المقصود أن الذين صحبوا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية كانوا يتوقعون دخول مكة والفوز بالغنائم فإن هذا افتراض فارق الحقيقة؛ لأن الثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخرج إلى مكة محارباً بل معتمراً، وقد ساق معه الهدي وأحرم بنية العمرة "ليأمن الناس من حربه وليعلم الناس أنه إنما خرج زائراً لهذا البيت ومعظماً له" (٣)


(١) مونتقمري وات، Muhammad: Prophet and Statesman، ص ٢١٧ – ٢١٨.
(٢) عبد الرحمن أحمد سالم، "قراءة نقدية في كتابات مونتجمري وات في السيرة النبوية"، ص ١٣٨-١٣٩.
(٣) ابن هشام، سيرة النبي، ٣/٣٥٦.

<<  <   >  >>