الهجوم على سوريا المزدهرة اقتصاديا، فقد أعد لها الصادق المصدوق محمد صلى الله عليه وسلم في ظروف بالغة القسوة من شدة الحر وقلة الزاد، وهي غزوة فرضت على المسلمين فرضاً، إذ لم يكن القيصر ليصرف نظره عما كان لمعركة مؤتة من وقع طيب في نفوس القبائل العربية، وبدأت بعض القبائل المتاخمة لحدوده في الاستقلال عنه وإرسال الوفود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما جعله يعد العدة لمعركة حاسمة مع المسلمين، ولما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخبر حشد المسلمين في جيش على حال كما ذكرنا وخرج بهم لمجابهة الخطر المحدق بالدولة الناشئة، ولما لم يجد أحداً في المكان الموصوف عاد بجيشه قافلاً إلى المدينة، وحتى في هذه الغزوة، التي يهول وات من أمر أبعادها وتبعاتها، لم تكن بدافع الهجوم بل الدفاع، ولم يجن منها رسول الله صلى الله عليه وسلم أي مكسب مادي.
*ومن الجدير ملاحظة أن أكبر غزواته، عدا طلعاته على المكيين، كانت على امتداد الطريق إلى سوريا التي تبعتها الجيوش العربية بعد موته. ومما لاشك فيه أنه أدرك أن المهارات الإدارية لتجار مكة ستكون ذات فائدة لأي توسع لدولته الفتية (١) .
*الزحف على حدود سوريا. حدثت أعظم غزوات محمد في نهاية سنة ٦٣٠م عندما اصطحب ثلاثين ألف رجل في رحلة استغرقت شهرا نحو الحد
(١) It is noteworthy that his largest razzias, apart from the expeditions against the Meccans, were along the route to Syria followed by the Arab armies after his death. He doubtless realized that the administrative skill of the Meccan merchants would be required for any expansion of his embryonic state.