للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الحسنى وما دلت عليه من الصفات العليا ولا فرق بين الصفات الذاتية المتعلقة بذاته التي لا ينفك عنها كالحياة والعلم والقدرة والإرادة ونحوها، ولا بين صفات الأفعال القائمة بذاته المتصف بها المتعلقة بمشيئته وقدرته ... "١.

ومذاهب هؤلاء جميعهم مبنية على التقول على الله بغير علم وتأويل الصفات على غير المراد منها، وقد بين رحمه الله خطورة التقول على الله بغير علم، وذلك عند تفسيره لقوله تعالى: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} ٢.

فقال ـ رحمه الله ـ: "يدخل في ذلك القول على الله بلا علم في شرعه وقدره فمن وصف الله بغير ما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله أو نفى عنه ما أثبته لنفسه أو أثبت له ما نفاه عن نفسه فقد قال على الله بلا علم.

إلى أن قال: ومن أعظم القول على الله بلا علم أن يتأول المتأول كلامه، أو كلام رسوله على معاني اصطلح عليها طائفة من طوائف الضلال ثم يقول إن الله أرادها.

فالقول على الله أكبر المحرمات أشملها وأكبر طرق الشيطان التي يدعوا إليها"٣.

وقال عند قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً} ٤: "ويدخل في هذا كل من كذب على الله بنسبه شريك له أو وصفه بما لا يليق بجلاله أو الإخبار عنه بما لم يقل"٥.

وبين ـ رحمه الله ـ أنه لا يتم إيمان أحد بتوحيد الأسماء والصفات حتى يترك التأويل ويؤمن بجميع الصفات على مراد الله منها فقال:

"ولا يتم توحيد الأسماء والصفات حتى يعترف، ويؤمن بكل ما جاء في الكتاب والسنة والأسماء والصفات والأفعال، وأحكامها وعلى وجه يليق بعظمة الباري، ويعلم أنه كما لا يماثله أحد في ذاته فلا يماثله أحد في صفاته، ومن ظن أن في بعض النقليات ما يوجب تأويل بعض الصفات على غير المعروف فقد ضل ضلالاً مبيناً"٦.

هذا وإن المتكلمين جميعهم قد جعلوا التأويل مطية لهم، فمتى رأوا النصوص تخالف قولتهم أولوها، وقالوا ظاهرها غير مراد، فحرفوا بذلك معاني نصوص الكتاب والسنة.


١ توضيح الكافية الشافية /١٣.
٢ سورة البقرة / آية ١٦٩.
٣ التفسير ١/٢٠٠، ٢٠١.
٤ سورة هود/ الآية ١٨.
٥ التفسير ٣/٤١٣.
٦ الفتاوى /١٢.

<<  <   >  >>