للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال ابن سعدي مشيراً إلى هذا الواقع: "إن المتكلمين بالكلام الباطل من جهمية ومعتزلة وقدرية وكلابية وأشعرية، قد اشتركوا في نفي صفات الباري، وقد تقاوتوا في كثرة ما ينفونه منها، وكل فريق منهم فيما ينفيه من الصفات إذا وردت عليه النصوص من الكتاب والسنة في إثباتها تأولها تأويلات تنفي ما تدل عليه من المعاني الصريحة الظاهرة الحقة، وصرفها لمعان باطلة لا تدل عليها.

ثم بين الذي شجعهم على ذلك فقال:

وجرأهم على ذلك التأويل أنهم سموا المعاني الفلسفية والأصول اليونانية قواطع عقلية وبراهين يقينية وأدلة الكتاب والسنة ظواهر لفظية قابلة للتأويل فسطوا عليها بالتأويلات الباطلة التي يجزم كل ذي بصيرة أنها خلاف مراد الله ورسوله منها"١.

موقفه من التأويل:

إن التأويل يعد من أخطر معاول الهدم للإسلام، إذ به استطاعت جميع طوائف الضلال أن تروج باطلها، فالجهمية والمعتزلة والرافضة وغيرهم لا يجدون من نصوص الكتاب والسنة ما يدل على باطلهم بل إن نصوص الكتاب والسنة صريحة في الرد عليهم؛ ولذلك لجؤوا إلى التأويل فجعلوه مطية لهم، فأولوا نصوص المخالفة لهم وقالوا: "إن ظاهرها غير مراد"، وهكذا استطاعوا إفساد عقائد كثير من الناس بهذه التأويلات الفاسدة.

مما جعل علماء الإسلام قديما وحديثا يقومون بالتصدي لهذا النوع من التأويل وبيان فساده وضرره على الإسلام والمسلمين. وإن من أبرز من قام بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في أكثر مؤلفاته ولا سيما كتابه العظيم درء تعارض العقل والنقل ورسالة الإكليل في المتشابه والتأويل وغيرهما لهذا يقول الدكتور محمد الجليند في كتابه الإمام ابن تيمية وقضية التأويل عن ابن تيمية أنه "أبرز مفكر إسلامي عالج هذه القضية"٢.

ومن علمائنا المعاصرين الذين قاموا بمعالجة هذه القضية الشيخ ابن سعدي فقد تناول ـ رحمه الله ـ هذه القضية في مواضع متعددة من مؤلفاته، وبين فساد التأويل وأنه جر وبالاً على الإسلام.


١ توضيح الكافية الشافية ص ٥٩، ٦٠.
٢ الإمام ابن تيمية وقضية التأويل /٩. ولو عبر بعالم المفكر لكان أنسب، وكتابه هذا قيم جداً في جمع وتنسيق "نقض التأويل وإبطاله" من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

<<  <   >  >>