للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال ـ رحمه الله ـ: "ولا يرتاب عارف أن جميع المصائب التي جرت في صدر الإسلام وبعد ذلك، ووقوع الفتن والاقتتال والتحزبات كلها متفرعة عن التأويل الباطل الذي لا ينتج إلا شراً"١.

ثم عدد جملة من أضراره فقال: " فالتأويل الباطل سبب فتن الأقوال والبدع الاعتقادية والفتن الفعلية، فلم يزل التأويل يتوسع وكل بدعة متأخرة تحدث من التأويلات الباطلة غير ما أحدثته التي قبلها ... "٢.

وقال عند تفسيره لقوله: {وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} ، "وفيه رد على المتكلمين من الجهمية ونحوهم ممن يرى أن كثيراً من نصوص القرآن محمولة على غير ظاهرها ولها معان غير ما يفهم منها فإذاً على قولهم لا يكون القرآن أحسن تفسيراً من غيره، وإنما التفسير الأحسن على زعمهم تفسيرهم الذي حرفوا له المعاني تحريفاً"٣.

أنواع التأويل:

وقد صار للتأويل بسبب تعدد الاصطلاحات ثلاثة معان فصلها شيخ الإسلام في أكثر من موضع من كتبه.

أحدها: أن التأويل بمعنى التفسير، وهذا هو الغالب على اصطلاح المفسرين للقرآن، كما يقول ابن جرير وأمثاله من المصنفين في التفسير واختلف علماء التأويل، ومجاهد إمام المفسرين إذا ذكر أنه يعلم تأويل المتشابه فالمراد به معرفة تفسيره.

الثاني: أن التأويل هو الحقيقة التي يؤول إليها الكلام كما قال الله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَق} ٤. فتأويل ما في القرآن من أخبار المعاد هو ما أخبر الله به فيه مما يكون من القيامة والحساب والجزاء، والجنة والنار ونحو ذلك، كما قال الله تعالى في قصة يوسف لما سجد أبواه وإخوته {يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيايَ مِنْ قَبْل} ٥ فجعل عين ما وجد في الخارج هو تأويل الرؤيا.


١ توضيح الكافية الشافية ص ٥٤.
٢ توضيح الكافية الشافية ص ٥٤.
٣ التفسير ٥/٤٧٨.
٤ سورة الأعراف/ آية ٥٣.
٥ سورة يوسف/ آية ١٠٠.

<<  <   >  >>