للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كلامه في تقسيم الصفات:

بعد ذكر هذه القواعد الهامة في أسماء الله وصفاته وتوضيح ابن سعدي لها، أرى من المناسب أن أذكر المنهج الذي يراه السلف من أن صفات الله تنقسم إلى قسمين ذاتية وفعلية، وقد بين أن هذا أصل متفق عليه بين السلف كما دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة.

قال: "ومن الأصول المتفق عليها بين السلف التي دلت عليها النصوص أن صفات الباري قسمان:

ـ صفات ذاتية لا تنفك عنها الذات كصفة الحياة والعلم، والقدرة والقوة والعزة، والملك، والعظمة، والكبرياء، ونحوهما كالعلو المطلق.

ـ وصفات ذاتية لا فعلية: تتعلق بها أفعاله في كل وقت وآن وزمان ولها آثارها في الخلق والأمر فيؤمنون بأنه تعالى فعال لما يريد وأنه لم يزل ولا يزال يقول ويتكلم ويخلق ويدبر الأمور وأن أفعاله تقع شيئا فشيئا تبعا لحكمته وإرادته، فإن شرائعه وأوامره ونواهيه الشرعية لا تزال تقع شيئا فشيئاً.. إلى أن قال: فعلى المؤمن الإيمان بكل ما نسبه الله لنفسه من الأفعال المتعلقة بذاته كالاستواء على العرش والمجيء والإتيان والنزول إلى السماء الدنيا والقول ونحوها، والمتعلقة بخلقه كالخلق والرزق وأنواع التدبير"١.

وبين أن صفات الأفعال قائمة بذات الله ومتعلقة بما ينشأ عنها من الأقوال والأفعال٢.

وذم من خلف هذا التقسيم من أهل الكلام فقال: "أما تقسيم٣ بعض أهل الكلام الباطل أن صفات الأفعال لا تقوم بذات الله بل الفعل عندهم عين المفعول، فهذا قول باطل بالكتاب والسنة والإجماع من السلف......"٤.

وقول أهل الكلام هذا مخالف لما ذهب إليه أهل السنة والجماعة من عدم التفريق بين الصفات الذاتية والصفات الفعلية المتعلقة بمشيئة الله وقدرته.

ولذا يقول ابن سعدي رحمه الله: " أما أهل السنة والجماعة فإنهم أثبتوا كل ما جاء


١ التنبيهات اللطيفة /٢٠، ٢١.
٢ الحق الواضح المبين/٥٢، والفتاوى السعدية /١١.
٣ كذا قال ولم يورد تقسيما فالأولى أن يقال أما القول.......الخ.
٤ الحق الواضح المبين/٥٢، وتوضيح الكافية الشافية /٣٠.

<<  <   >  >>