للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

"اشتملت على فوائد عديدة الأولى والثانية أن القرآن كلام الله غير مخلوق وأن الله تعالى عليٌ على خلقه وهذا مأخوذ من قوله "نزلنا الذكر" فإنه نزل به جبريل من الله العزيز العليم فكونه نازلاً من عند الله يدل على علو الله، وكونه من عنده يدل على أنه كلام الله فإن الكلام صفة للمتكلم ونعت من نعوته"١.

٧ـ ومنها قوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} ٢ قال رحمه الله: "هذه العبارة وما أشبهها مما هو كثير في القرآن تدل على أن جميع الأشياء غير الله وأسمائه وصفاته مخلوقة ... وليس كلام الله من الأشياء المخلوقة؛ لأن الكلام صفة المتكلم والله تعالى بأسمائه وصفاته أول ليس قبله شيء.

فأخذُ أهل الاعتزال من هذه الآية ونحوها أن كلام الله مخلوق من أعظم الجهل، فإنه تعالى لم يزل بأسمائه وصفاته، ولم يحدث صفة من صفاته، ولم يكن معطلاً عنها بوقت من الأوقات"٣.

٨ ـ ومنها قول صلى الله عليه وسلم في حديث القدسي: "فيقول الله تعالى: يا آدم فيقول لبيك وسعديك فينادي بصوت إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثاً إلى النار"٤.

قال رحمه الله: "ففي هذا الحديث إثبات القول من الله والنداء لآدم وأنه نداء حقيقة بصوت، وهذا من فضل الله لا يشكل على المؤمنين فإن النداء والقول من أنواع الكلام، وكلام الله صفة من صفاته، والصفة تتبع الموصوف"٥.

٩ـ ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان" ٦.

قال رحمه الله: "وهذا أيضاً إثباتٌ لتكليمه لجميع العباد بلا واسطة"٧.

وأكتفي بهذا القدر من الأدلة وهي في الحقيقة كثيرة جداً ولا تحصر إلا بكلفة.

ثالثا: ردوده على المخالفين:

أعني بالمخالفين من خالف هذا المنهج الواضح الذي دلت عليه نصوص الكتاب


١ المواهب الربانية /٢٦.
٢ سورة الزمر/ آية ٦٢.
٣ التفسير ٦/٤٨٩.
٤ أخرجه البخاري ٨/١٩٥.
٥ التنبيهات اللطيفة /٢٩.
٦ أخرجه البخاري ٨/١٨٥، ومسلم ٢/٧٠٣، والترمذي ٤/٦١١، وأحمد في المسند ٤٠/٢٥٦.
٧ التنبيهات اللطيفة ٣٠.

<<  <   >  >>