للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الممويهات والتلبيس والنفاق ويصادف مع هذا قلة بصيرة والله المستعان"١.

ولا شك أن قول هؤلاء الفلاسفة ساقط، ومخالف لما جاءت به الرسل ومخالف للعقول السليمة كما أوضح ذلك ابن سعدي ـ رحمه الله ـ إلا أنه مع ذلك فإنه يوجد من أبناء المسلمين من اغتر بهذا القول وأخذ به وصار يدعو إليه.

ومن هؤلاء الذين اغتروا بهذا المعتقد الفاسد القصيمي صاحب الأغلال الذي تقدمت ردود ابن سعدي عليه في مسألة إنكار وجود الباري عز وجل، فهو في هذه المسألة أيضاً أخذ بقول الفلاسفة واعتمده كما أنه أخذ بجميع ما يدعون إليه.

وفي رد ابن سعدي على كتاب القصيمي "هذي هي الأغلال" تناول هذه المسألة وبين ضلاله فيها وبين أن قصده من وراء ذلك هو إفساد الدين والدعاية إلى نبذه ومحاربته بكل طريق"٢.

ومن أقوال القصيمي الباطلة في هذه المسألة والتي تناولها ابن سعدي بالرد قوله في بيان مأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم لنصوص الوحي من أي طريق؟ أنه " كان يعبد الطبيعة وأخذت قلبه وقالبه ولبه وكان يناجي الليل والنهار والضياء والظلمة والنسيم ونحوها مما يشاهد، وافتتح رسالته بمناجاة الطبيعة والخلوة بها في غار حراء، وختم رسالته وحياته بشدة النزع إليها وقت السياق حيث كان يقول في الرفيق الأعلى"٣.

فهو يرى أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء بالقرآن من عند نفسه، وهذا القول كفر ليس وراءه كفر، لأنه أنكر بذلك الوحي والرسالة.

لذا يقول ابن سعدي: " فهو بهذا التحليل أنكر الوحي والرسالة ورمى النبي صلى الله عليه وسلم بأنه طبيعي لا يعرف الله ولا يعرف الوحي فلم ينزل عليه جبريل من عند الله، ولا كان يناجي الله ولا يعبده، ولا كان عند السياق إلا مشتاقاً إلى الطبيعة فقط؛ لأنه لا يعرف الله ولا يريده، ولا يحبه٤ ولا يطلبه، وظهر بهذا غرض القصيمي الوحيد، وهو الدعاية إلى نبذ الدين ومحاربته"٥.


١ توضيح الكافية الشافية /٣٤.
٢ انظر تنزيه الدين /١٩، ٢٠.
٣ هذي هي الأغلال للقصيمي /٥٦، ١٥٧.
٤ هذه المسألة قد استوفى ابن تيمية الرد فيها على أسلاف القصيمي من الفلاسفة والمعتزلة وغيرهم في أكثر كتبه، ولا سيما كتابه "النبوات" انظر ص ٢٤٨ وما بعدها من كتاب النبوات فقد ذكر أقوال المتكلمين ورد عليها.
٥ تنزيه الدين /١٨، بتصرف يسير.

<<  <   >  >>