للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهذا من قلة بصيرة هذا الشخص بدين الله؛ لأن هذا الكلام لا يقوله عاقل مؤمن بالله مصدق برسوله صلى الله عليه وسلم.

والمقصود أن قول الفلاسفة المتقدم ذكره والذي أيده هذا القصميمي، لا يلتفت إليه لمخالفته جميع ما جاءت به الرسل ولمخالفته للعقول السليمة.

قول الجهمية والمعتزلة ورد ابن سعدي عليه:

تقدم أن قول الجهمية والمعتزلة في صفة الكلام، هو أنهم يرون أن الكلام ليس صفة لله عز وجل، وإنما هو مخلوق من مخلوقاته خلقه كما خلق السموات والأرض خارجاً عن ذات الله لا يقوم بذاته كلام ولا قول، قال ابن سعدي ـ رحمه الله ـ في بيان بطلان هذا القول وأنه أمر مستنكر عند الناس غير مستساغ: "فلما قال الناس لهم هذا أمر معلوم بطلانه فإن الكلام صفة للمتكلم، والله قد أضافه إلى نفسه إضافة الصفة إلى موصوفها فزعموا أن إضافته إليه إضافة تشريف كإضافة ناقة الله وعبد الله.

فأجابهم الناس بما هو معروف ومتقر عند كل أحد مع دلالة الكتاب والسنة إليه، فقالوا إن الإضافة نوعان:

أحدهما: ما يضيفه الله إلى نفسه من الأعيان كبيت الله وناقة الله ونحوهما، فهذه الإضافة لبعض مخلوقاته تفيد تشريفه وتكريمه بما امتاز به ذلك المضاف من الأوصاف الفاضلة.

والثاني: إضافة معاني وأوصاف تقوم كعلم الله وقدرته وإرادته وكلامه فهذه الإضافة من باب إضافة الأوصاف إلى موصوفها تقتضي قيامها به واتصافه بها.

ومن خالف هذا الفرق فهو منكر للمحسوسات"١.

ويستدل الجهمية والمعتزلة لقولهم هذا بقوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُْ} ٢.

فهم يجعلون لذلك مقدمة وهي أن القرآن شيء وكل شيء مخلوق إذا فالقرآن مخلوق. وهذا كلام باطل، لأن الآية لم تدل على ذلك، وإنما دلت على أن كل شيء غير أسماء الله وصفاته مخلوق؛ لذا يقول ابن سعدي رحمه الله: "وليس كلام الله من الأشياء المخلوقة؛ لأن الكلام صفة المتكلم والله تعالى بأسمائه وصفاته أول ليس قبله شيء"٣.


١ توضيح الكافية الشافية /٢٥، وانظر القاعدة السابعة من قواعد الأسماء والصفات المتقدمة.
٢ سورة الرعد/ آية ١٦.
٣ التفسير ٦/٤٨٩.

<<  <   >  >>