للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ثم بين أنه لا دلالة في هذه الآية لما ذهب إليه المعتزلة فقال: "فأخذ أهل الاعتزال من هذه الآية ونحوها أن كلام الله مخلوق من أعظم الجهل، فإنه تعالى لم يزل بأسمائه وصفاته ولم يحدث صفة من صفاته، ولم يكن معطلاً عنها بوقت من الأوقات"١.

قول الكلابية والأشعرية ورد ابن سعدي عليه:

وهم القائلون " بأن القرآن نوعان ألفاظ ومعان، فالألفاظ مخلوقة وهي هذه الألفاظ الموجودة والمعاني قديمة قائمة في النفس وهي معنى واحد لا تبعض فيه ولا تعدد، إن عبر عنه بالعربية كان قرآنا وإن عبر عنه بالعبرانية كان توراة، أو بالسريانية كان إنجيلا"٢.

ولا شك أن هذا القول معلوم البطلان، ولا دلالة عليه من كتاب أو سنة ولا مستند من لغة العرب.

قال ابن سعدي رحمه الله في معرض رده على هذا القول: " وهذا القول تصوره كاف بمعرفة بطلانه وليس لهم دليل ولا شبهة على هذا القول الذي لم يقله أحد غيرهم"٣.

أما عن استشهادهم على هذا القول بقول الشاعر:

إن الكلام لفي الفؤاد وإنما

جُعل اللسان على الفؤاد دليلاً

فأجاب عنه بقوله: "هذا البيت معروف معناه، وإن الكلام يخرج من القلب ويعبر عنه اللسان، وأما الكلام الذي في اللسان فقط فهذا يشبه كلام النائم والهاذي ونحوهما.

وهب أنه دل على القول الذي قالوه فكيف يتركون لأجله أدلة الكتاب والسنة والذي يعقله العقلاء بعقولهم أن الكلام صفة للمتكلم، وأنه الكلام المسموع منه، وأن ما في النفس لا يسمى كلاماً بوجه من الوجوه"٤.

ثم إنه من المعلوم أن هذا البيت للأخطل النصراني فكيف يجوز أن يترك الكتاب والسنة لأقوال النصارى مع العلم بكثرة أخطائهم في العقيدة والفروع.

لذا يقول ابن سعدي: "وأيضاً فإن غلطهم في الأصول والفروع معروف"٥ ومقصوده أنه كيف يؤخذ بقولهم وهذه حالهم.

وقول الكلابية والأشعرية قريب من قول المعتزلة؛ لأن مؤداه ومعناه أن القرآن


١ التفسير ٦/٤٨٩
٢ توضيح الكافية الشافية /٢٣.
٣ توضيح الكافية الشافية /٢٣.
٤ توضيح الكافية الشافية /٢٣.
٥ توضيح الكافية الشافية /٢٣.

<<  <   >  >>