للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوت} ١ وهو الذي خلق الله لأجله، وشرع الجهاد لإقامته، وجعل الثواب الدنيوي والأخروي لمن قام به وحققه والعقاب لمن تركه.

وبه يحصل الفرق بين أهل السعادة القائمين به، وأهل الشقاوة التاركين له"٢.

وقال رحمه الله: "فجميع الكتب السماوية وجميع الرسل دعوا إلى هذا التوحيد، ونهوا عن ضده من الشرك والتنديد، وخصوصاً محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا القرآن الكريم فإنه أمر به وفرضه وقرره أعظم تقرير، وبينه أعظم بيان، وأخبر أنه لا نجاة ولا فلاح ولا سعادة إلا بهذا التوحيد، وأن جميع الأدلة العقلية والنقلية والأفقية والنفسية أدلة وبراهين على الأمر بهذا التوحيد ووجوبه.

فالتوحيد هو حق الله الواجب على العبيد، وهو أعظم أوامر الدين وأصل الأصول كلها، وأساس الأعمال

وقال رحمه الله: "وبالجملة: فكل خير عاجل وآجل، فإنه من ثمرات التوحيد وكل شر عاجل وآجل فإنه من ثمرات الشرك"٤.

وكما أنه رحمه الله بين هذا التوحيد هذا البيان ونبه عليه هذا التنبيه، فقد حث على تعلمه ومعرفته والعمل به والحذر من مخالفته.

فقال: "فعلى العبد أن يبذل جهده في معرفته وتحقيقه والتحقق به ويعرف حده وتفسيره، ويعرف حكمه ومترتبته، ويعرف آثاره ومقتضياته وشواهده وأدلته وما يقويه وينميه، وما ينقضه، وشروطه ومكملاته، ويعرف نواقضه ومفسداته لأنه الأصل الأصيل الذي لا تصح الأصول إلا به فكيف بالفروع"٥.

تعريف ابن سعدي لهذا التوحيد:

عرف ابن سعدي توحيد الألوهية بتعريف جامع، ذكر فيه حد هذا التوحيد وتفسيره وأركانه فقال:

"فأما حده وتفسيره وأركانه فهو أن يعلم ويعترف على وجه العلم واليقين أن الله هو المألوه وحده المعبود على الحقيقة، وأن صفات الألوهية ومعانيها ليست موجودة بأحد


١ سورة النحل/ الآية ٣٦.
٢ الحق الواضح المبين /٥٦.
٣ القول السديد /١٨.
٤ القواعد الحسان /١٨.
٥ الحق الواضح المبين /٥٧.

<<  <   >  >>