للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أنه لا معبود بحق إلا الله، "لا إله" نافية لجميع ما يعبد من دون الله فلا يستحق أن يعبد غيره، "إلا الله" مثبتة العبادة لله فهو الإله المستحق للعبادة١.

وقد أوضح الشيخ ابن سعدي هذا المعنى الأخير وبين أنه المراد بهذه الكلمة في مواطن متعددة في تفسيره.

قال رحمه الله: "لا إله إلا الله: أي لا معبود بحق إلا الله وحده لا شريك له"٢.

قال عند تفسيره لآية الكرسي: "فأخبر أنه الله الذي له جميع معاني الألوهية وأنه لا يستحق الألوهية والعبودية إلا هو فألوهية غيره، وعبادة غيره باطلة"٣.

وقال عند تفسيره لقوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُو....} ٤ "فأخبر أنه الله المألوه المعبود، الذي لا إله إلا هو، وذلك لكماله العظيم وإحسانه الشامل وتدبيره العام.

وكل إله غيره فإنه باطل، لا يستحق من العبادة مثقال ذرة؛ لأنه فقير عاجز ناقص لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئاً"٥.

فمن شهد لله بالألوهية ونطق بهذه الكلمة لا بد أن يفرده بالعبادة، وأن يحذر من الوقوع بالإشراك فيه.

وأما من قال هذه الكلمة ولم يعمل بمقتضاها فإنها لا تنفعه؛ ولهذا يقول ابن سعدي.

"إن الشاهد لله بالوحدانية وعدم الشريك يقتضي كمال اعتقاده ذلك. وكمال الإخلاص لله، والقيام بحقوق العبودية كلها، فإنها من التأله لله تعالى، فإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة والصيام والحج ونحوها داخلة في ألوهية الله تعالى، كما تدخل أعمال القلوب فيها من الإنابة لله خوفاً ورجاءً ومحبةً وتعظيماً ورغبةً ورهباً"٦.

ولهذا فإن على من أراد أن يحقق معنى لا إله إلا الله أن يفهم معنى العبودية ليفرد الله بها.


١ معارج القبول للحكمي ١/٣٧٥، وتطهير الاعتقاد للصنعاني /١٩.
٢ التفسير ٣/١٠٢.
٣ التفسير ١/٣١٣.
٤ سورة الحشر/ الآية ٢٢.
٥ التفسير ٧/٣٤٥.
٦ الفتاوى السعدية /٨٨.

<<  <   >  >>