للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كلامه في تعريف العبادة:-

اهتم الشيخ ابن سعدي رحمه الله بتعريف العبادة إذ هي المقصود من خلق الجن والإنس كما تقدم بيان ذلك.

وتظهر أهمية معرفة معنى هذه الكلمة إذا عرفنا أن جميع من عبد غير الله أو أكثرهم إنما عبدوهم لعدم فهمهم لمعنى العبادة، وأنها حق الله لا يجوز صرفها لغيره.

كما بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه حيث قال صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: "وحق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا"١.

فإذا كانت العبودية بهذه المكانة، فهي جديرة بأن توضح وتبين ويظهر معناها.

وقد عرف شيخ الإسلام ابن تيمية العبادة بأنها "اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة".

فيدخل تحت التعريف أمور كثيرة من الأعمال الظاهرة كالصلاة والزكاة والحج والصوم والصدقة والإحسان وبر الوالدين وإماطة الأذى عن الطريق وغيرها. وأمور من الأعمال الباطنة كالخشية والإنابة والخوف والرجاء وغيرها.

وهذا يبين خطأ تصور كثير من الناس من أن العبادة متقصرة على المباني الخمسة للإسلام.

فقد دلت النصوص على أن كل أمر يحبه الله ويرضاه يجب أن يتعبد الله به ولا يجوز أن يتعبد به غيره.

وهذا التعريف الذي ذكره شيخ الإسلام للعبادة يعد تعريفا جامعاً للعبادة؛ ولهذا فقد نقل الشيخ ابن سعدي رحمه الله هذا التعريف في عدة مواطن من مؤلفاته٢.

قال عند تفسيره لقوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} .

"أي نخصك وحدك بالعبادة والاستعانة؛ لأن تقديم المعمول يفيد الحصر وهو إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه، فكأنه يقول نعبدك ولا نعبد غيرك ونستعين بك ولا نستعين بغيرك ... إلى أن قال: والعبادة اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة"٣.


١ أخرجه البخاري ٨/١٦٤، ومسلم ١/٥٨، والترمذي ٥/٢٧، وابن ماجه ٢/١٤٣٥. وأحمد ٢/٣٠٩.
٢ انظر التفسير ١/٣٥، والخلاصة /١٠ وغيرهما.
٣ التفسير ١/٣٥، والخلاصة /١٠.

<<  <   >  >>