للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فقال سبحانه: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} ١.

وقال: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً} ٢.

وأمر رسوله أن يصبر ويتحمل من أذية قومه له، كما صبر إخوانه، أولو العزم من الرسل فقال: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُم} ٣.

قال ابن سعدي: "أمر تعالى رسوله، أن يصبر على أذية المكذبين المعادين له، وأن لا يزال داعياً لهم إلى الله، وأن يقتدى بصبر أولي العزم من المرسلين سادات الخلق أولي العزائم والهمم العالية الذين عظم صبرهم وتم يقينهم. فهم أحق الخلق بالأسوة بهم والقفو لآثارهم والاهتداء بمنارهم"٤.

كلامه في بعض صفات أولي العزم من الرسل:

هؤلاء الخمسة أولو العزم من الرسل اختص الله كل واحد منهم ببعض الخصال العظيمة والمناقب الحميدة، امتازوا بها عن غيرهم من الأنبياء.

وقد ذكر سعدي بعض ما امتاز به أفراد هؤلاء الرسل من الخصال فذكر أن نوحاً امتاز بأنه أول رسول أرسله الله، وأنه الأب الثاني للبشرية وجميع الأنبياء الذين جاءوا من بعده كلهم من ذريته٥.

وذكر أن إبراهيم عليه السلام امتاز بأنه خليل الرحمن، وأن الله أكرمه بالكرامات المتنوعة فجعل في ذريته النبوة والكتاب وأخرج من صلبه أمتين هما أفضل الأمم العرب وبنو إسرائيل، واختاره الله لبناء بيته الذي هو أشرف بيت وأول بيت وضع للناس، ووهب له الأولاد بعد الكبر واليأس وملأ بذكره ما بين الخافقين، وامتلأ قلوب الخلق من محبته وألسنتهم من الثناء عليه٦.


١ سورة الشورى/ الآية ٣.
٢ سورة الأحزاب/ الآية ٧.
٣ سورة الأحقاب/ الآية ٣٥.
٤ التفسير ٧/٥٩، ٦٠.
٥ الخلاصة /١٠٩، والتفسير ٥/١١٠.
٦ انظر الخلاصة /١٢٢، والتفسير ٧/٣٠٢.

<<  <   >  >>