للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وذكر أن موسى عليه السلام امتاز بأنه كليم الله، وأنه أعظم أنبياء بني إسرائيل وأن شريعته وكتابه التوارة مرجع أنبياء بني إسرائيل وعلمائهم، وأن أتباعه أكثر أتباع الأنبياء غير أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وأن له من القوة العظيمة في إقامة دين الله والدعوة إليه والغيرة العظيمة ما ليس لغيره١.

وذكر أن عيسى عليه السلام امتاز بأن الله سبحانه آتاه من البينات الدالة على صدقه، وأنه رسول الله حقاً، فجعله يبرئ الأكمه والأبرص ويحي الموتى بإذن الله، وكلم الناس في المهد صبياً، وأيده بروح القدس.٢.

وذكر أن محمداً صلى الله عليه وسلم أفضل الرسل على الإطلاق، وأنه خاتم النبيين، وإمام المتقين وسيد ولد آدم، وإمام الأنبياء إذا اجتمعوا، وخطيبهم إذا وفدوا، صاحب المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون وصاحب لواء الحمد والحوض المورود، وشفيع الخلائق يوم القيامة، وصاحب الوسيلة والفضيلة الذي بعثه بأفضل كتبه وشرع له أفضل شرائع دينه وجعل أمته خير أمة أخرجت للناس وجمع له ولأمته من الفضائل والمحاسن ما فرقه فيمن قبلهم، وهم آخر الأمم خلقاً وأولهم بعثا٣.

كلامه في أن الرسل أفضل الخلق وأكملهم:

اقتضت حكمة الله تعالى أن لا يصطفي لإبلاغ دينه، ولتحمل رسالته إلا صفوة الخلق وأفضلهم.

إذ أن كمال الرسل واختصاصهم بالفضل يوجب على الأمم تصديقهم والانقياد لهم، والسير على نهجهم وهذا من رحمة الله بعباده ولطفه بهم.

قال تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} ٤.

وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} ٥.

قال ابن سعدي: "فالرسل لا يكونون إلا صفوة الخلق على الإطلاق، والذي اختارهم واجتباهم ليس جاهلاً بحقائق الأشياء فاختياره إياهم عن علم منه أنهم أهل


١ الخلاصة /١٢٩، والتفسير ٧/٦١٤.
٢ التفسير ١/٣١٠.
٣ طريق الوصول /٢٩٩.
٤ سورة الحج/ الآية ٧٥.
٥ سورة آل عمران/ الآية ٣٣.

<<  <   >  >>