للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لذلك، وأن الوحي يصلح فيهم كما قال تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} ١" ٢.

لذلك فإن الأنبياء لا يدعون إلا للخير والإصلاح ولا ينهون الناس إلا عن الشر والفساد.

قال ابن سعدي: "الأنبياء جميعهم بعثوا بالإصلاح، والصلاح، ونهوا عن الشرور والفساد، فكل صلاح وإصلاح ديني ودنيوي فهو من دين الأنبياء وخصوصاً إمامهم وخاتمهم فإنه أبدى وأعاد في هذا الأصل ووضح للخلق الأصول النافعة التي يجرون عليها في الأمور العادية والدنيوية كما وضع لهم الأصول في الأمور الدينية"٣.

ولا ريب أن معرفة هذه الصفات التي توفرت في الأنبياء وفي دعوتهم، دافع عظيم لمن سمع بها وعرفها وحافز له لأن يتأسى بهم ويترسم خطاهم، وهذه هي الفائدة والثمرة من معرفة الأنبياء وأحوالهم.

قال ابن سعدي: "لما أخبر الله عن كمال الرسل وما أعطاهم من الفضل والخصائص وأن دينهم واحد ودعوتهم إلى الخير واحدة كان موجب ذلك ومقتضاه أن تجتمع الأمم على تصديقهم والانقياد لهم لما آتاهم من البينات التي على مثلها يؤمن البشر، لكن أكثرهم انحرفوا عن الصراط المستقيم، ووقع الاختلاف بين الأمم فمنهم من آمن ومنهم من كفر"٤.

بيانه أن الكفر بنبي واحد كفر بجميع الأنبياء:

لما كان الأنبياء بهذه المثابة وعلى هذه الصفات وغايتهم واحدة وهدفهم واحد وجب على كل مسلم أن يؤمن بجميع الأنبياء دون تفريق بينهم، وصار الكفر بنبي واحد كفر بجيمع الأنبياء.

قال ابن سعدي: " الواجب في الأنبياء، أن يؤمن بهم على وجه العموم والشمول، ثم ما عرف منهم بالتفصيل وجب الإيمان به مفصلاً"٥.

وبين أن الكفر بنبي واحد كفر بجميع الأنبياء فقال: "من عادى أحداً من رسله فقد عادى الله وعادى جميع رسله كما قال تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ


١ سورة الأنعام/ الآية ١٢٤.
٢ التفسير ٥/٣٢٨.
٣ الخلاصة ٥/٣٢٨.
٤ التفسير ١/٣١١.
٥ التفسير ١/١٤٦.

<<  <   >  >>