للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولتحقيق هذا الأمر العظيم جعل الله بينه وبين خلقه وسائط في تبليغ الرسالة فاصطفى لهذا الأمر العظيم أفضل الملائكة وأفضل الرسل، وأمرهم بتبليغ وحيه وإيصاله إلى الناس.

فقاموا بذلك أتم القيام وأكمله، وعصمهم الله من الخطأ في تبليغ هذا الوحي.

فالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم معصومون من الخطأ فيما يبلغون عن الله تعالى؛ لأن مقصود الرسالة لا يحصل إلا بذلك١.

ومقصود الرسالة الأعظم وأهم أمر بعثوا من أجله، وهو الدعوة إلى عبادة الله حده، وإفراده بجميع أنواع العبادة، والتحذير من الشرك والبدع وجميع الأنبياء متفقون على هذا المبدأ، سائرون على هذا المنهج، فما من نبي أرسله الله إلا وكان أول ما يدعو قومه إليه عبادة الله وحده وعدم الإشراك به.

قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} ٢.

وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} ٣.

وقد اهتم ابن سعدي ببيان هذه المسألة أعظم اهتمام إذ هي أفضل وسيلة إلى التوحيد الخالص والنهي عن الشرك فنوح وغيره أول ما يقولون لقومهم: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} .

ويكررون هذا الأصل بطرق كثيرة"٤.

وقال: "زبدة دعوة الرسل كلهم ومدارها على قوله: {أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا} أي على معرفة الله وتوحيده في صفات العظمة التي هي الألوهية وعبادته وحده لا شريك له فهي التي أنزل بها كتبه وأرسل رسله، وجعل الشرائع كلها تدعوا إليها وتحث وتجاهد من حاربها وقام بضدها"٥.


١ التفسير لابن سعدي ٦/٤٢٤.
٢ سورة النحل/ الآية ٣٦.
٣ سورة الأنبياء/ الآية ٢٥.
٤ الخلاصة /١٠٩.
٥ التفسير ٤/١٨٣.

<<  <   >  >>