للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من أبرز كتبه الدالة على شدة عنايته بكتب ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، وهذا يظهر لنا من ناحيتين.

الناحية الأولى: سبب تأليف الكتاب، إذ أنه ألفه رحمه الله ليكون بديلاً لأحد كتب ابن تيمية، بحث عنه كثيراً فلم يجده، يقول في مقدمة الكتاب مبيناً سبب تأليفه له: "ولشيخ الإسلام كتاب يقال له "قواعد الاستقامة" طالما بحثنا عنه لتحصيله من مظانه، فلم يتيسر، لكثرة فوائده.

وإني لأرجو أن يكون ما جمعته في هذا المجموع من كلامه في الأصول والقواعد مغنيا عن ذلك الكتاب، ومتضمناً زيادات كثيرة لا توجد فيه ولا في غيره......"١.

الناحية الثانية: مادة هذا الكتاب، فهو عبارة عن أكثر من ألف قاعدة، وأصل، وضابط، وتعريف استخرجها من أكثر من ستين كتاباً من كتب شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم، بعد قراءة متأنية في هذه الكتب قال رحمه الله في آخر الكتاب:

"....وجملة ذلك: أن هذا المجموع قد انتقيته بعد التروي الكثير وكثرة التأمل والتفكير من جميع الكتب الموجودة من كتب الشيخين فتضمن صفوتها، احتوى على جواهرها وغررها، والحمد لله والفضل لله"٢ ولا أدل وأوضح من ذلك على عنايته بكتبهما.

هذا وإن المقصود من كل ما تقدم إبراز عناية الشيخ ابن سعدي بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية، وقد بان المقصود، وحصل بحمد الله المنشود.

رابعا: جلوسه للتدريس، وطريقته فيه:

لقد بذل ابن سعدي أكثر جهده، ومعظم وقته في طلب العلم وتحصيله، فلازم العلماء وأكب على كتب العلم، فلا يصرفه عن حلق الذكر ومجالس العلم وقراءة الكتب صارف، ولا يرده عنها راد، حتى أناله الله من العلم حظاً وفيراً، وقدراً كبيراً، فعلا


١ طريق الوصول/٤. فائدة: وقد طبع الكتاب قريباً بتحقيق محمد رشاد سالم بمطبعة جامعة الإمام محمد بن سعود، وهو ليس كما فهم الشيخ ابن سعدي من عنوانه من أنه عبارة عن سرد لقواعد وأصول تحصل بها الاستقامة، فقد تأملت الكتاب بعد طبعه فوجدته يدور حول الحث على اتباع السنة والتحذير من البدعة والرد على المبتدعة، وليس فيه سرد للقواعد والضوابط والأصول.
٢ طريق الوصول / ٤٣٥.

<<  <   >  >>