للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

حجة للخوارج كغيرها من آيات الوعيد، فالواجب أن تصدق جميع نصوص الكتاب والسنة فيؤمن العبد بما تواترت به النصوص، من خروج من في قلبه أدنى مثقال حبة خردل من الإيمان من النار"١.

وانظر بقية الأمثلة على ذلك في الصفحات المشار إليها آنفا بالهامش، تجد أن كل مبطل إذا استدل بنص صحيح على باطله يكون فيما استدل به حجة عليه.

وإنما هدى الله أهل السنة والجماعة للحق في ذلك لجمعهم بين النصوص وتوفيقهم بينها، لا كما يفعله المبطلة من الأخذ بطرف من النصوص وتركهم طرفاً آخر لاشتماله على رد عليهم.

الجمع بين النصوص الواردة في خلود مرتكب الكبيرة في النار، وبين النصوص التي تدل على أنه لا يخلد في النار إلا المشرك:

قد يشكل على بعض ورود كثير من الآيات فيها ذكر خلود مرتكب الكبيرة في النار، وآيات أخرى فيها أنه لا يخلد في النار إلا المشرك.

وقد أورد ابن سعدي هذا الإشكال وأجاب عنه جواباً شافياً فقال: "ورد في القرآن عدة آيات فيها ذكر الخلود في النار على ذنوب كبائر ليست بكفر مثل قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} ٢.

وقوله: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} ٣.

وقوله: {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ٤.

فما الجمع بينها وبين النصوص المتواترة من الكتاب والسنة أنه لا يخلد في النار إلا الكفار، وأن جميع المؤمنين مهما عملوا من المعاصي التي دون الكفر فإنهم لا بد أن يخرجوا منها؟


١ التفسير ١/٣٣٩.
٢ سورة النساء/ الآية ٩٣.
٣ سورة النساء/ الآية ١٤.
٤ سورة البقرة/ الآية ٨١.

<<  <   >  >>