ثم ذكر سبب تأليفها فقال "فوجب على كل من عنده علم أن يبين ما يحتوي عليه كتابه من العظائم خشية اغترار من ليس له بصيرة بكلامه". ثم ذكر مجمل ما في كتاب الأغلال من الضلال والانحراف وما فيه من الآراء الباطلة. ثم بعد ذلك تناول الرد عليه في هذه الآراء الباطلة والعقائد الفاسدة على وجه التفصيل.
ومن ردوده عليه في قضية الإلحاد قوله بعد أن ذكر رأي صاحب الأغلال في أن المصائب تحدث من الطبيعة وأن الإيمان بالله وباليوم الآخر يمنع الرقي.
"وقول وصل إلى هذا الحد ليس بعده تقدم إلى الكفر، وإنما هو النهاية في الكفر والتعطيل والجحود لرب العالمين والخروج من الديانات السماوية كلها وهو غاية الخروج من العقل والحس، فإن قضية الإيمان بالله ورسوله هي أكبر القضايا وأعظمها وأوضحها"١.
والمقصود أن ابن سعدي اهتم بقضية هذا القصيمي وانحلاله ورد عليه رداً علمياً هادفاً، يقصد من ورائه بيان زيغ هذا الرجل وإلحاده؛ لكي لا يغتر أحد من المسلمين به، وهذا من نصحه واهتمامه رحمه الله بمسألة العقيدة والذود عن حماها.
ومن مؤلفاته في الرد على هؤلاء الملحدين وبيان انحطاط ما هم عليه من معتقد فاسد، رسالة صغيرة سماها "انتصار الحق" وهي على صغر حجمها نافعة عظيمة لأنه تناول فيها معالجة مشكلة الإلحاد على طريقة الحوار بين شخص مسلم وبين شخص مفتتن بالإلحاد فسمى الأول الناصح والثاني المنصوح.
ومما في هذه الرسالة القيمة قوله رحمه الله "قال المنصوح ... أريد أن توضح لي توضيحاً تاماً بطلان ما عليه هؤلاء الملحدون فإنهم يقيمون الشبه المتنوعة في ترويج قولهم ليغتر به من لا بصيرة له.
فقال الناصح: اعلم أن الحق والباطل متقابلان وأن الخير والشر متنافيان، وبمعرفة واحدٍ من الضدين يظهر حسن الآخر أو قبحه ...
إلى أن قال: "فهذا الدين الحق الذي دعت إليه الرسل عموماً وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم خصوصاً قد بنى وأسس على التوحيد، والتأله لله وحده لا شريك له حباً وخوفاً ورجاء وإخلاصاً وانقياداً وإذعاناً لربوبيته واستسلاماً لعبوديته قد دل على هذا الأصل الذي هو أكبر جميع أصول الأدلة العقلية والفطرية، وقد دلت عليه جميع الكتب السماوية وقرره جميع الأنبياء والمرسلين وأتباعهم من أهل العلوم الراسخة الألباب الرزينة