للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال رحمه الله: "القدرية ثلاث طوائف: قدرية نفاه، وقدرية مجبرة، وقدرية مشركون.

فأما القدرية النفاة: فهم الذين يطلق عليهم أكثر العلماء اسم "القدرية" وحقيقة مذهبهم أنهم يقولون:

"إن أفعال العباد وطاعتهم ومعاصيهم لم تدخل تحت قضاء الله وقدره" فأثبتوا قدرة الله على أعيان المخلوقات وأوصافها، ونفوا قدرته على أفعال المكلفين.

وأما الطائفة الثانية: فهم الجبرية الذين يقال لهم "القدرية المجبرة" فزعم هؤلاء: "إن عموم مشئية الله وعموم إرادته يقتضي أن العبد مجبور على أفعاله لا قدرة له على شيء من الطاعات ولا على ترك المعاصي، ومع أنه لا قدرة له على ذلك عندهم، فهو مثاب معاقب على ما لا قدرة له عليه.

وأما الطائفة الثالثة: فهم القدرية المشركون الذين اعتذروا عن شركهم وتحريمهم ما أباح الله بالمشيئة١.

وقد بين ابن سعد ضلال هؤلاء وشناعة أقوالهم المتقدمة، قال: "فهذه الطوائف الثلاث هم خصماء الله في قضائه وقدره، منهم من نفاه ومنهم من غلا فيه غلواً أوقعه في الباطل"٢.

وتناول ابن سعدي جميع أقوال هذه الطوائف بالرد، وفند شبههم ورد عليها وبين ضلالهم وبعدهم عن الصراط المستقيم.

فقال في ردوده على الطائفة الأولى وهم القدرية النفاة القائلون: "بأن أفعال العباد غير داخلة تحت مشيئة الله وقدرته".

"وهم بهذا القول الباطل ردوا نصوصاً كثيرة من الكتاب والسنة تثبت وتصرح أن جميع أعمال العباد من خير وشر وطاعة ومعصية بقضاء الله وقدره كما أجمع المسلمون أنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن"٣.

وهذه النصوص المبطلة لقول هؤلاء التي أشار ابن سعدي لكثرتها. قد تعرض لأكثرها في تفسيره للقرآن وبين وجه دلالتها على بطلان قول هؤلاء وفيما يلي أسوق بعض هذه النصوص مع تفسيره لها.


١ الدرة البهية /١٦- ٢٤ بتصرف.
٢ الدرة البهية /٢٤.
٣ الدرة البهية /١٧ بتصرف يسير.

<<  <   >  >>