للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال تعالى في غير موضع من كتابه الكريم: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ١.

قال ابن سعدي: "وفي هذه الآية وما أشبهها رد على القدرية القائلين بأن أفعالهم غير داخلة في قدرة الله تعالى؛ لأن أفعالهم من جملة الأشياء الداخلة في قوله: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ٢.

وقال تعالى: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} ٣.

قال ابن سعدي: "فإن مشيئة الله نافذة عامه لا يخرج عنها حادث قليل ولا كثير. ففيها رد على القدرية الذين لا يدخلون أفعال العباد تحت مشيئة الله...."٤.

وقال تعالى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} ٥.

قال ابن سعدي: " في هذه الآية وما أشبهها أن الأسباب مهما بلغت في قوة التأثير فإنها تابعة للقضاء والقدر ليست مستقلة في التأثير. ولم يخالف في هذا الأصل من فرق الأمة غير القدرية في أفعال العباد زعموا أنها مستقلة غير تابعة للمشيئة فأخرجوها عن قدرة الله فخالفوا كتاب الله وسنة رسوله وإجماع الصحابة والتابعين"٦.

وقال أيضا في رده عليهم مبينا أهمية مناظرة القدرية بالعلم أي إثبات علم الله وأن ذلك فيه بيان لتناقضهم وتهافت أقوالهم.

قال: "وكان الأئمة كالإمام أحمد وغيره يقولون: "ناظروا القدرية بالعلم، فإن أنكروا العلم كفروا، وإن اعترفوا به خصموا".

يعني: أن القدرية النافين لعلم الله بأفعال عبادة، جاحدون لنصوص الكتاب والسنة المصرحة بإحاطة علم الله بما كان وما يكون من أعيان وأوصاف وأفعال، مما دق وجل، فمن أنكر ذلك فقد كذب الكتاب والسنة صريحاً وذلك هو الكفر، وإن اعترفوا بإحاطة علم الله بكل شيء، وبأفعال العباد قبل وقوعها كما هو القول الذي استقر عليه مذهبهم خصموا.


١ في عدة آيات منها سورة البقرة/ الآية ٢٠، وسورة آل عمران/ الآية ١٦٥ وغيرها.
٢ التفسير ١/٥٧.
٣ سورة المدثر/ الآيتان ٥٥، ٥٦.
٤ التفسير ٧/٥٨١.
٥ سورة البقرة / الآية ١٠٢.
٦ التفسير ١/١١٩.

<<  <   >  >>