للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

"وهذا القول من أشنع البدع وأنكرها وهو مخالف للكتاب والسنة وإجماع الأئمة المهتدين من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ومخالف للعقول والفطر ومخالف للمحسوس.

وكل قول يمكن صاحبه أن يطرده إلا هذا القول الشنيع فإنه لا يمكن أن يعمل به ويطرده ولو ظلم أحدهم واعتذر إليه من ظلمه بالقدر فإنه لا يقبل بل يرى اعتذاره بالقدر زيادة ظلم وتهكما به، فكيف يسلك هذا المسلك مع ربه وهو لا يرتضيه لنفسه من غيره.

والمقصود: أن هذه الطائفة خالفت المنقول والمعقول. ونصوص الكتاب والسنة تبطل قولهم، فإن الله نسب أعمال العباد إليهم من الطاعات المتنوعة والمعاصي الكثيرة كلها يضيفها إلى الفاعلين ويخبر أنهم هم الفاعلون لها ويستحقون جزاءها من خير وشر.

فلو كانوا مجبورين عليها لم ينسبها لهم ولم يضفها إليهم بل ينسب الأفعال إلى نفسه حاشاه وتعالى عن ذلك، فلا يقال: "الله الذي فعل الإيمان والكفر والطاعة والمعصية". بل يقول كل أحد العبد هو الذي فعلها، والله هو الذي قدرها من غير أن يجبره عليها"١.

وبين رحمه الله أن قولهم هذا يلزمهم عليه عدة لوازم فاسدة فقال في توضيح الكافية الشافية:

"فلزمهم على تقريرهم هذا أمران باطلان: أحدهما أن تنفي عن العباد قدرتهم على أفعالهم. ثانيا: أن ينفي صدورها منهم.

فيقال على قولهم: لم يقدروا على الإسلام والإيمان ولا الصلاة والصيام ونحوها. وإذا فعلوها يصح أن يقال: لم تصدر منهم إنما يقال ذلك على وجه المجاز لا الحقيقة، ولا فرق عندهم أن يوصفوا بهذه الأفعال أو يوصفوا بالبياض والسواد وبقية الألوان؛ لأن الجميع قامت بهم.

فتصور قولهم بلوازمه المذكورة تعرف به فساده وبطلانه"٢

وعدد أيضا في الدر البهية جملة من اللوازم التي تلزم هذا القول الفاسد فقال:


١ الدرة البهية / ٢٢، ٢٣، بتصرف يسير.
٢ توضيح الكافية الشافية /١٢.

<<  <   >  >>