للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

"ويلزم على قول الجبرية إسقاط الأمر والنهي؛ لأنه كيف يؤمر وينهى من لا قدرة له على امتثال الأمر والنهي؟

ويلزم أيضا على قولهم إسقاط الحدود عن جميع أهل الجرائم إذ كيف يعاقبون وتقام عليهم الحدود وهم غير قادرين بل مجبورين؟

فهذا القول الباطل مخالف لجميع أصول الدين وفروعه.

ويلزم أيضاً على قول الجبرية تعطيل الأسباب الدينية والدنيوية وذلك أن الله تعالى جعل الأسباب موصلة إلى مسبباتها، وأمر العباد بسلوك كل سبب نافع لهم في دينهم ودنياهم فكيف يؤمرون وهم مجبورون غير قادرين؟ فالقول بالجبر فيه فساد الدين والدنيا"١.

أما الطائفة الثالثة وهم القدرية المشركون فكلامهم ظاهر البطلان وقد بين الله بطلانه في آيات متعددة.

وقال تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} ٢.

وقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ. وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} ٣.

وقال تعالى: {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} ٤.

وقال ابن سعدي في بيان بطلان احتجاج المشركين على شركهم بمشيئة الله وأن الله لو شاء ما أشركوا.

"وهذه حجة باطلة فإنها لو كانت حقاً ما عاقب الله الذين من قبلهم حيث


١ الدرة البهية /٢٣.
٢ سورة الأنعام/ الآية ١٤٨.
٣ سورة النحل/ الآيتان ٣٥، ٣٦.
٤ سورة الزخرف/ الآية ٢٠.

<<  <   >  >>