للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن أهل الجاهلية كانوا يرون أن "مخالفة ولي الأمر وعدم الانقياد له فضيلة والسمع والطاعة ذل ومهانة فخالفهم رسول الله وأمر بالصبر على جور الولاة وأمر بالسمع والطاعة لهم والنصيحة وغلظ في ذلك وأبدى وأعاد. (١)

ومن الجدير بالذكر أن محمد بن عبد الوهاب تعرض لنقد معارضية في مسألة عقدة الإمامة لابن سعود بمقولة أنه بذلك خرج عن إجماع فقهاء المذاهب الأربعة وعلى الأخص مذهب الإمام أحمد – فيما يشترط في الإمام من أن يكون قرشيا ورموه بأنة يدعو دعوة الخوارج ممن قالوا بجواز إمامة غير القرشي. والحق أنني أري في موقف محمد بن عبد الوهاب من مسألة الإمامة وطاعة ولي الأمر حسبما أوضحناه أنفا اختلافا تاما بينه وبين فقه الخوارج فهو يجعل وجود ولي الأمر أصلا ثابتا يقوم علية صلاح الدين والدنيا معا يبرر طاعته في حال وجود ولي الأمر أصلا ثابتا يقوم علية صلاح الدين والدنيا معا مما يبرر طاعته في حال عدله وجوه، حال كون الخوارج لا يرون شيئا من ذلك بل كانت مقالتهم الأولى التي صاح بها مناديهم في وجه علي رضي الله عنه: لا حكم إلا لله مما دعا الإمام علي أن يكشف خبيثهم بقوله: قولة حق أريد به باطل. يقولون لا طاعة لمخلوق ولا بد من طاعة أمير أو فاجر. (٢)

ولا يعني الأمر بوجوب طاعة ولي الأمر مطلق الطاعة حتى في المعاصي إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق إنما المعني: انتظام الجماعة في الطاعة والتحذير من الخروج على الإمام لمجرد الرغبة في الخروج والتباهي به كسنن الجاهلية الأولى.

ثم يرسم ابن عبد الوهاب لولى الأمر وللرعية معا طريق استدامة الود بينهما الكفيل بدوام تعاونهما على البر والتقوى فيحدده في الحب في الله والبغض فيه وأن فقدان الجماعة لهذا الحب والبغض هو الذي يدخل الخلل على علاقات الحاكمين بالمحكومين وفي ذلك يقول: يجيئنا من العلوم أنه يقع بين أهل الدين والأمير بعض الحرشة، وهذا شئ ما يستقيم علية الدين، والدين هو الحب في الله والبغض فيه" (٣) .ويضع يده على العلة الحقيقية فى حدوث هذا


(١) مجموعة التوحيد الرسالة الأولى: مسائل الجاهلية ص ٢٣٦، ٢٣٧
(٢) الطبري. تاريخ الأمم والملوك جـ ٦ ص: ٣٦ أخبار عام ٣٧هـ
(٣) الدرر السنية: جـ ط ص٢٣٩

<<  <   >  >>