للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"أخرجة البخاري ومسلم. كما أورد حديثهما "فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله". (١) الأمر الذي يقطع بأنه التزم في المسألة بدلالة النص واتبع السلف في عدم القول بإكفار من نطق بالشهادتين. وأكد ذلك بما أورده بقوله:"إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرف منافقين بأعيانهم ويقبل علانيتهم وبكل سرائرهم إلى الله". (٢)

ولكن مجريات الأحداث بعد ذلك دفعت أنصار الشيخ وخصومه إلى تبادل الاتهام بإكفار بعضهم بعضا فهل كان ذلك يمثل من جانب الشيخ تحولا عن فكره الأول أم أن ذلك مجرد رد فعل للصراع الحربي الذي طال أمده فلجأ كل فريق إلى التشنيع على خصمه واستعمال سلاح التكفير في المعركة دون وزن للحجج والبراهين التي يثبت بها الكفر أو ينتفي.

وحتى نعرف وجه الحق في هذا التساؤل يلزمنا أن ندرك المدى الحقيقي لرد الفعل المصاحب للحروب الوهابية التي خاضها اتباع محمد بن عبد الوهاب دفاعا عن أنفسهم واستبقاء على حريتهم في أرضهم وعقيدتهم، وهي حروب اتصلت في الداخل والخارج. يكفي أن نعرف أن إمارة الرياض التي كان رأسها دهام بن دواس ظلت تقاوم الدرعية هجوما ودفاعا قرابة ثلاثين سنة وذكر أن عدد القتلى بينهم في هذه المدة نحو من أربعة آلاف رجل من أهل الرياض ألفان وثلاثمائة ومن المسلمين ألف وسبعمائة (٣) فكيف بالحروب الأكبر والأخطر التي واحة فيها محمد بن عبد الوهاب واتباعه من بعده جيوش العراق تارة ومصر تارة؟ أخرى والتي أتصلت بعد موت محمد بن عبد الوهاب حتى تم تدمير الدرعية والقضاء علي الدولة السعودية الأولى على يد إبراهيم باشا الكبير عام ١٢٣٣هـ (٤) بعد أكثر من سبعين عاما من هجرة محمد بن عبد الوهاب إليها واتخاذها قاعدة لدعوته.

في أتون الحرب الضروس تداعت ردود الأفعال وكان كل فريق


(١) التوحيد ص ١٥ وما بعدها
(٢) الدرر السنية ج ٧ ص ٢٦
(٣) ابن بشر. عنوان المجد في تاريخ نجد ج ١ ص ٧٧
(٤) المرجع السابق ج ١ ص ٢٧٥.

<<  <   >  >>