ابن عازب إنما هو حذف الصلاة والاختصار فيها والاقتصار على بعض ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله, ولهذا لما صلى بهم أنس قال: إني لا آلو أن أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثابت فكان أنس يصنع شيئا لا أراكم تصنعونه: كان إذا انتصب قائما يقوم يقول القائل قد أوهم وإذا جلس بين السجدتين مكث حتى يقول القائل قد أوهم, فهذا مما أنكره أنس على الائمة حيث كانوا يقصرون هذين الركنين كما أنكر عليهم تقصير الركوع والسجود وأخبر أن أشبههم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن عبد العزيز فحزروا تسبيحه في الركوع والسجود عشرا عشرا ومن المعلوم أنه لم يكن يسبحها هذا, مسرعا من غير تدبر فحالهم أجل من ذلك.
وقد بلى أنس بمن وهمه في ذلك كما بلى بمن وهمه في روايته ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم. وقالوا: كان صغيرا يصلي وراء الصفوف فلم يكن يسمع جهره بها وكما بلى بمن وهمه في إحرام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج والعمرة معا, وقالوا: كان بعيدا منه لا يسمع إحرامه حتى قال لهم: ما تعدونني إلا صبيا كنت تحت بطن ناقة رسول الله فسمعته يهل بهما جميعا, وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولأنس عشر سنين فخدمه واختص به وكان يعد من أهل بيته, وكان غلاما كيسا فطنا وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو رجل كامل له عشرون سنة, ومع هذا كله فيغلط على رسول الله صلى الله عليه وسلم في قراءته وقدر صلاه وكيفية إحرامه ويستمر غلطه على خلفائه الراشدين من بعده ويستمر على صلاته في مؤخر المسجد حيث لا يسمع قراءة أحد منهم.
وقد اتفق الصحابة على أن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت معتدلة فكان ركوعه ورفعه منه وسجوده ورفعه منه مناسبا لقيامه, فإذا كان يقرأ في الفجر بمئة آية إلى ستين آية فلا بد أن يكون ركوعه وسجوده مناسبا لذلك, ولهذا قال البراء ابن عازب: إن ذلك كله كان قريبا من السواء, وقال عمران بن حصين كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم معتدلة وكذلك كان