قيامه بالليل وصلاة الكسوف, وقال عبد الله بن عمر: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأمرنا بالتخفيف وإن كان ليؤمنا بالصافات". رواه الإمام أحمد والنسائي.
فهذا أمره وهذا فعله المفسر له لا ما يظن الغالط المخطيء أنه كان يأمرهم بالتخفيف ويفعل هو خلاف ما أمر بت, وقد أمر صلاة الله وسلامه عليه الائمة أن يصلوا بالناس كما كان يصلي بهم.
ففي الصحيحين عن مالك بن الحويرث قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رفيقا فظن أنا قد اشتقنا أهلنا فسألنا عمن تركنا من أهلنا فأخبرناه فقال: "ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم فليصلوا صلاة كذا في حين كذا, وصلاة كذا في حين كذا, وإذاحضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم وصلوا كما رأيتموني أصلي". والسياق للبخاري.
فهذا خطاب للأئمة قطعا وإن لم يختص بهم فإذا أمرهم أن يصلوا بصلاته وأمرهم بالتخفيف علم بالضرورة أن الذي كان يفعله هو الذي أمر به. يوضح ذلك أنه ما من فعل في الغالب إلا وقد يسمى خفيفا بالنسبة إلى ما هو أطول منه ويسمى طويلا بالنسبة إلى ماهو أخف منه. فلا حد له في اللغة يرجع فيه إليه وليس من الأفعال العرفية التي يرجع فيها إلى العرف كالحرز والقبض وإحياء الموات والعبادات يرجع إلى الشارع في مقاديرها وصفاتها وهيآتها كما يرجع إليه في أصلها فلو جاز الرجوع في ذلك إلى عرف الناس وعوائدهم في مسمى التخفيف والإيجاز لاختلفت أوضاع الصلاة ومقاديرها اختلافا متباينا لا ينضبط, ولهذا لما فهم بعض من نكس الله قلبه أن التخفيف المأمور به هو ما يمكن من التخفيف اعتقد أن الصلاة كلما خفت وأوجزت كانت أفضل فصاركثير منهم يمر فيها مر السهم ولا يزيد على الله أكبر في الركوع والسجود بسرعة ويكاد سجوده يسبق ركوعه وركوعه يكاد يسبق قراءته وربما ظن الاقتصار على تسبيحة واحدة أفضل من ثلاث.
ويحكى عن بعض هؤلاء أنه رأى غلاما له يطمئن في صلاته فضربه وقال: