لو بعثك السلطان في شغل أكنت تبطئ في شغله مثل هذا الإبطاء؟ وهذا كله تلاعب بالصلاة وتعطيل لها وخداع من الشيطان وخلاف لأمر الله ورسوله حيث قال تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} . فأمرنا بإقامتها وهو الإتيان بها قائمة تامة القيام والركوع والسجود والأذكار وقد علق الله سبحانه الفلاح بخشوع المصلى في صلاته فمن فاته خشوع الصلاة لم يكن من أهل الفلاح, ويستحيل حصول الخشوع مع العجلة والنقر قطعا. بل لا يحصل الخشوع قط إلا مع الطمأنينة وكلما زاد طمأنينة ازداد خشوعا, وكلما قل خشوعة اشتدت عجلته حتى تصير حركة يديه بمنزلة العبث الذي لا يصحبه خشوع ولا اقبال على العبودية, ولا معرفة حقيقة العبودية والله سبحانه قد قال:{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} , وقال:{الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ} . وقال:{وَأَقِمِ الصَّلاةَ} . وقال:{فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} وقال: {وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ} وقال إبراهيم عليه السلام: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ} , وقال لموسى {فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} فلن تكاد تجد ذكر الصلاة في موضع من التنزيل إلا مقرونا بإقامتها فالمصلون في الناس قليل ومقيم الصلاة منهم أقل القليل.
كما قال عمر رضي الله عنه:"الحاج قليل والركب كثير", فالعاملون يعملون الأعمال المأمور بها على الترويج تحلة القسم, ويقولون يكفينا أدنى ما يقع عليه الاسم وليتنا نأتي به ولو علم هؤلاء أن الملائكة تصعد بصلاتهم فتعرضها على الله جل جلاله بمنزلة الهدايا التي يتقرب بها الناس إلى ملوكهم وكبرائهم فليس من عمد إلى أفضل ما يقدر عليه فيزينه ويحسنه ما استطاع ثم يتقرب به إلى من يرجوه ويخافه كمن يعمد إلى أسقط ما عنده وأهونه عليه فيستريح منه ويبعثه إلى من لا يقع عنده بموقع وليس من كانت الصلاة ربيعا لقلبه وحياة له وراحة وقرة لعينه وجلاء لحزنه وذهابا لهمه وغمه ومفزعا له إليه في نوائبه ونوازله كمن هي سحت لجوارحه, وتكليف له وثقل عليه فهي كبيرة على هذا وقرة عين وراحة لذلك.
وقال تعالى:{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} فإنما كبرت على غير هؤلاء لخلو