بنشاط وقوة, بخلاف ما إذا والى بين الركعات, ولهذا كان الأفضل في النفل مثنى مثنى وإن تطوع بأربع جلس في وسطهن.
فصل
وجعلت كلمات التحيات في آخر الصلاة بمنزلة خطبة الحاجة أمامها فإن المصلي إذا فرغ من صلاته جلس جلسة الراغب الراهب يستعطى من ربه ما لا غنى به عنه, فشرع له أمام استعطائه كلمات التحيات مقدمة بين يدي سؤاله, ثم يتبعها بالصلاة على من نالت أمته هذه النعمة على يده وسعادته, فكأن المصلي توسل إلى الله سبحانه بعبودتيه, ثم بالثناء عليه والشهادة له بالوحدانية ولرسوله بالرسالة ثم الصلاة على رسوله ثم قيل له تخير من الدعاء أحبه إليك فذاك الحق الذي عليك وهذا الحق الذي لك, وشرعت الصلاة على آله مع الصلاة عليه تكميلا لقرة عينه بإكرام آله والصلاة عليهم, وأن يصلي عليه وعلى آله كما صلى على أبيه إبراهيم وآله والأنبياء كلهم بعد إبراهيم من آله, ولذلك كان المطلوب لرسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة مثل الصلاة على إبراهيم وعلى جميع الأنبياء بعده وآله المؤمنين, فلهذا كانت هذه الصلاة أكمل ما يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بها وأفضل , فإذا أتى بها المصلي أمر أن يستعيذ بالله من مجامع الشر كله فإن الشر إما عذاب الآخرة وإما سببه فليس الشر إلا العذاب وأسبابه, والعذاب نوعان: عذاب في البرزخ وعذاب في الآخرة, وأسبابه الفتنة وهي نوعان: كبرى وصغرى, فالكبرى فتنة الدجال وفتنة الممات, والصغرى فتنة الحياة التي يمكن تداركها بالتوبة بخلاف فتنة الممات وفتنة الدجال, فإن المفتون فيهما لا يتداركها.
ثم شرع له من الدعاء ما يختاره من مصالح دنياه وآخرته والدعاء في هذا المحل قبل السلام أفضل من الدعاء بعد السلام وأنفع للداعي, وهكذا كانت عامة أدعية النبي صلى الله عليه وسلم كلها كانت في الصلاة من أولها إلى آخرها, فكان يدعو في الاستفتاح أنواعا من الدعاء وبعد الركوع وبعد رفع رأسه منه وفي السجود وبين