للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فالتحية هي تحية من العبد للحي الذي لا يموت وهوسبحانه أولى بتلك التحيات من كل ما سواه؛ فإنها تتضمن الحياة والبقاء والدوام ولا يستحق أحد هذه التحيات إلا الحي الباقي الذي لا يموت ولا يزول ملكه, وكذلك قوله والصلوات فإنه لا يستحق أحد الصلاة إلا الله عز وجل, والصلاة لغيره من أعظم الكفر والشرك بت, وكذلك قوله والطيبات هي صفة الموصوف المحذوف أي الطيبات من الكلمات والأفعال والصفات والأسماء لله وحده فهو طيب وأفعاله طيبة وصفاته أطيب شيء وأسماؤه أطيب الأسماء واسمه الطيب ولا يصدر عنه إلا طيب ولا يصعد إليه إلا طيب ولا يقرب منه إلا طيب وإليه يصعد الكلم الطيب, وفعله طيب والعمل الطيب يعرج إليه فالطيبات كلها له ومضافة إليه وصادرة عنه ومنتهية إليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا" , وفي حديث رقية المريض الذي رواه أبو داود رقم وغيره: "أنت رب الطيبين ولا يجاوره من عباده إلا الطيبون" , كما يقال: لأهل الجنة: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} . وقد حكم سبحانه في شرعه وقدره أن: الطيبات للطيبين, فإذا كان هو سبحانه الطيب على الاطلاق فالكلمات الطيبات والأفعال الطيبات والصفات الطيبات والأسماء الطيبات كلها له سبحانه لا يستحقها أحد سواه, بل ما طاب شيء قط إلا بطيبته سبحانه, فطيب كل ما سواه من آثار طيبته, ولا تصلح هذه التحية الطيبة إلا له, ولما كان السلام من أنواع التحية وكان المسلم داعيا لمن يحييه وكان الله سبحانه هو الذي يطلب منه السلام لعباده الذين اختصهم بعبوديته وارتضاهم لنفسه وشرع أن يبدأ بأكرمهم عليه وأحبهم إليه وأقربهم منه منزلة في هذه التحية بالشهادتين اللتين هما مفتاح الإسلام فشرع أن يكون خاتمة الصلاة فدخل فيها بالتكبير والحمد والثناء والتمجيد وتوحيد الربوبية والإلهية وختمها بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله.

وشرعت هذه التحية في وسط الصلاة, إذا زادت على ركعتين تشبيها لها بجلسة الفصل بين السجدتين وفيها مع الفصل راحة للمصلي لاستقباله الركعتين الآخرتين

<<  <   >  >>