للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد افترضَ اللهُ سبحانَه وتعالى في أوَّلِ الأمرِ قيامَ اللَّيلِ، فقام النبيُّ – صلى اللهُ عليه وسلم- وأصحابُه حولاً، وذلك في قولِه تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا) [المزمل:١،٢] ، كما قالت عائشةُ –رضي اللهُ عنها-: (فإنَّ اللهَ افترض قيامَ الليلِ في أوَّلِ هذه السورةِ فقام نبيُّ الله –صلى اللهُ عليه وسلم- وأصحابُه حولاً وأمسك اللهُ خاتمتَها اثني عشر شهرًا، حتى أنزلَ اللهُ في آخرِ هذه السورةِ التخفيفَ، فصار قيامُ الليلِ تطوعًا بعدَ فريضةٍ) رواه مسلم.

وقال تعالى: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا * وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا) [الإسراء:٧٨،٧٩] بعدَ الأمرِ بالصلواتِ الخمسِ، ذكر اللهُ الأمرَ بالتهجُّدِ في الليلِ، أي: قم بعدَ نومِك. والتهجُّد لا يكون إلا بعدَ النومِ، (نافلةً لك) أي: زيادةً لك،يريد فضيلةً زائدةً على سائرِ الفرائضِ فرضها اللهُ عليك، وذهبَ آخرون إلى أنَّ الوجوبِ صار في حقِّه منسوخًا كما في حقِّ أمَّته، فصارت نافلةً، وهو قولُ مجاهدٍ وقتادةَ، لأنه الله قال: (نَافِلَةً لَكَ) ولم يقل عليك (١) .

وقال تعال: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) [الطور:٤٩]

وقال تعالى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلا طَوِيلا) [الإنسان:٢٦]


(١) مختصر تفسير البغوي

<<  <   >  >>