١٣ التيقُّنُ من القيامِ والقدرةِ عليه وعلى الوترِ بعدَ النومِ وذلك أفضلُ لقولِه تعالى:(إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلا)[المزمل:٦] .
قال بعضُ المفسرين:" (إنَّ ناشئةَ الليلِ) : أي ساعات الليلِ وأوقاته التي فيها التفرغُ والصفاءُ، وما ينشئُه المرءُ من طاعةٍ وعبادةٍ يقوم لها من مضجعِه بعد هدأةٍ من الليل، (هي أشد وطئًا) أي: هي أشدُّ على المصلِّي وأثقلُ من صلاةِ النهارِ، لأنَّ الليلَ جُعل للنومِ والراحةِ، فقيامُه على النفسِ أشدُّ وأثقلُ، ومن شأنِ هذه الممارسةِ الصعبةِ أن تقويَ النفوسَ، وتشدَّ العزائمَ، وتصلبَ الأبدانَ"(١) .
وصلاةُ الليلِ مشهودةٌ وذلك أفضلُ، فإن لم يتيقَّن العبدُ من القدرةِ على القيامِ فإنَّه يشرعُ له أن يصليَ قبلَ أن ينامَ.
عن جابرٍ -رضي اللهُ عنه- قال رسولُ اللهِ –صلى اللهُ عليه وسلم-: (من خافَ أن لا يقومَ من آخرِ الليلِ، فليوتر أولَه، ومن طَمِع أن يقومَ آخرَه فليوتر آخرَ الليلِ، فإنَّ صلاةَ آخرِ الليلِ مشهودةٌ وذلك أفضلُ) رواه مسلم.
وما ذاك إلا لأنَّ من لم يتقين القيامَ وفاتَه الوترُ ليلتَه كلَّها فاته خيرٌ كثيرٌ، ومن ثم يتكرَّرُ هذا مراتٍ حتى يسهلَ عليه التفويتُ والتضييعُ،لأنَّ المرءَ حين يقصِّر لأولِ مرةٍ يجد في قلبِه غمًّا وهمًّا، فإن عاد مرةً أخرى خفَّ هذا الهمُّ والاغتمامُ، فإذا تكرَّر نقصَ ونقصَ حتى يذهب،فلا يحزنُ لفواتِ القيامِ فيُحرمَ القيامَ كلَّه.
١٤ أن يسعى إلى وضعِ ما ينبِّهُه كتوقيتِ الساعةِ المنبِّهةِ أو تكليفِ أحدٍ أهلِه أو جيرانِه أو أصدقائِه بإيقاظِه.