وغيرهما. وبمادة (ينفقون) الى شرط صرف الآخذ في النفقة والحاجات الضرورية.
ثم ان في الحديث الصحيح (الزَّكاةُ قَنْطَرَةُ الاِسْلَامِ) ١ أي: الزكاة جسر يغيث المسلمُ أخاه المسلم بالعبور عليها؛ اذ هي الواسطة للتعاون المأمور به، بل هي الصراط في نظام الهيئة الاجتماعية لنوع البشر، وهي الرابطة لجريان مادة الحياة بينهم، بل هي الترياق للسموم الواقعة في ترقيات البشر.
نعم! في "وجوب الزكاة" و"حرمة الربا" حكمة عظيمة، ومصلحة عالية، ورحمة واسعة؛ اذ لو أمعنت النظر في صحيفة العالم نظراً تاريخياً وتأملت في مساوي جمعية البشر لرأيت اسّ أساس جميع اختلالاتها وفسادها، ومنبع كل الاخلاق الرذيلة في الهيئة الاجتماعية كلمتين فقط:
إحداهما:"اِنْ شَبِعْتُ فلا عليَّ اَن يموتَ غيرِي من الجُوعِ".
فالكلمة الاولى الغدارة النَهِمَة الشنعاء هي التي زلزلت العالم الانسانيَّ فاشرف على الخراب. والقاطعُ لعرق تلك الكلمة ليس الاّ "الزكاة".
والكلمة الثانية الظالمة الحريصة الشوهاء هي التي هارت بترقِّيات البشر فأوشك أن تنهار بها في نار الهَرْج والمَرْج. والمستأصِلُ والدواء لتلك الكلمة ليس إلاّ "حرمة الربا". فتأمل!..
اعلم! ان شرط انتظام الهيئة الاجتماعية ان لا تتجافى طبقات الانسان، وان لاتتباعد طبقةُ الخواص عن طبقة العوام، والأغنياء عن الفقراء بدرجة ينقطع خيط الصلة بينهم. مع ان باهمال وجوب الزكاة وحرمة الربا انفرجت المسافة بين الطبقات، وتباعدت طبقات الخواص عن العوام بدرجة لا صلة بينهما، ولا يفور من الطبقة
١ اورده الهيثمي في المجمع (٣/٦٢) وقال: رواه الطبراني في الكبير والاوسط ورجاله موثقون إلاّ بقية مدلس وهو ثقة، واورده المنذري في الترغيب والترهيب (١/٥١٧) وقال: رواه الطبراني ... وفيه ابن لهيعة، والبيهقي وفيه بقية بن الوليد. والحديث ضعفه محقق الجامع الصغير برقم ٣١٩١ في ضعيف الجامع الصغير.