للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

" مُنَى النَّفْسِ في أسماءَ لَوْ يَسْتَطِيعُها " من جنس المعقَّد الذي لا يُحمَد، وإن هذه الضَّعيفة الأسْر، الواصلة إلى القلوب من غير فكر، أوْلى بالحمد، وأحقّ بالفضل. هذا والمعقَّد من الشعر والكلام لم يُذَمَّ لأنه مما تقعُ حاجةٌ فيه إلى الفكر على الجملة، بل لأنّ صاحبه يُعْثِرُ فِكرَك في متصرَّفه، ويُشيكُ طريقك إلى المعنى، ويُوعِّر مذهبَك نحوه، بل رُبّما قَسَّم فكرَك، وشعَّب ظَنَّك، حتى لا تدري من أي تتوصّل وكيف تطلب. وأمّا الملخَّص فيفتح لفكرتك الطريقَ لمستوى ويمهَّده، وإن كان فيه تعاطُفٌ أقام عليه المنار، وأوقد فيه الأنوار، حتى تسلكُه سلوكَ المتبين لوِجهته، وتقطعَهُ قَطْعَ الواثق بالنُّجْح في طِيِّته، فترِدَ الشريعة زرقاءَ، والروْضة غنّاءَ، وصادفت نهجاً مستقيماً، مذهباً قويماً، وطريقةً تنقاد، وتبيّنت لها الغاية فيما ترتاد؟ فقد قيل: قُرَّةُ العين، وسَعَة الصدر، ورَوْحُ القلب، وطِيب النفس، من أربعة أمور الاستبانة للحجّة، والأُنس بالأحبّة، والثَّقة بالعُدّة، والمعاينة للغاية، وقال الجاحظ في أثناء فصل يذكر فيه ما في الفكر والنظر من الفضيلة: وأين تقع لذّةُ البهيمة بالعَلُوفة، ولذّة السَّبُع بلَطْع الدَّم وأكلِ اللحم، من سرور

<<  <   >  >>