واعلم أن الكلمة كما توصف بالمجاز، لنقلك لها عن معناها، كما مضى، فقد توصف به لنقلها عن حُكمٍ كان لها، إلى حُكْمٍ ليس هو بحقيقة فيها، ومثالُ ذلك أن المضاف إليه يكتسي إعرابَ المضافِ في نحو:" وَاسْئَلِ القَرْيَةَ "" يوسف: ٨٢ "، والأصل: واسئل أهل القرية، فالحكم الذي يجب للقرية في الأصل وعلى الحقيقة هو الجرُّ، والنصبُ فيها مجازٌ، وهكذا قولهم: بنو فلانٍ تَطَؤُهم الطريقُ، يريدون أهلَ الطريق، الرَّفع في الطريق مجاز، لأنه منقول إليه عن المضاف المحذوف الذي هو الأهل، والذي يستحقّه في أصله هو الجرُّ، ولا ينبغي أن يقال: إن وجهَ المجاز في هذا الحذفُ، فإن الحذفَ إذا تجرَّد عن تغيير حُكْم من أحكام ما بقي بعد الحذفِ لم يُسَمَّ مجازاً، ألا ترى أنك تقول: زيدٌ منطلق وعمرٌو، فتحذف الخبر، ثم لا توصف جملة الكلام من أجل ذلك بأنه مجازٌ؟ وذلك لأنه لم يُؤَدِّ إلى تغيير حكم فيما بقي من الكلام، ويزيدُه تقريراً أن المجاز إذا كان معناه: أن تجوزَ بالشيء موضعَه