الحاذِق الصُّنَع، والمُلهم المؤيَّد، والألمعي المُحَدَّث، الذي سبق إلى اختراع نوعٍ من الصنعة حتى يصيرَ إماماً، ويكونَ مَنْ بعدَه تبعاً له وعِيالاً عليه وحتى تُعرَف تلك الصَّنعةُ بالنسبة إليه، فيقال صنعة فلان، وعمل فلان ووضعتَهُ في بعضٍٍموضعَ المتعلمَّ الذكيُّ، والمقتدي المُصيب في اقتدائه، الذي يُحسن التشبُّهَ بمن أخذ عنه، ويُجيد حكاية العمل الذي استفادَ، ويجتهد أن يزداد. واعلم أني لست أقول لك إنك متى أَلَّفتَ الشيء ببعيد عنه في الجنس على الجملة فقد أصبت وأحسنت، ولكن أقوله بعد تقييدٍ وبعد شرطٍ، وهو أن تصيبَ بين المختلفين في الجنس وفي ظاهر الأمر شبهاً صحيحاً معقولاً، وتجد للمُلاءمة والتأليف السويّ بينهما مذهباً وإليهما سبيلاً وحتى يكون ائتلافهما الذي يوجب تشبيهك، من حيث العقل والحَدْس، في وضوح اختلافهما من حيث العَين والحِسّ، فأمَّا أن تستكرهَ الوصف وتَرومَ أن تُصوَّره حيث لا يُتَصوّر، فلاَ لأنك تكون في ذلك بمنزلة الصَّانع الأخرق، يضع في تأليفه وصَوْغه الشكلَ بين شكلين لا يلائمانه ولا يقبَلانه، حتى تخرج الصورة مضطربةً، وتجيء فيها نتوّ، ويكون للعين عنها من تفاوتها نُبوّ، وإنما قيل: شبَّهت، ولا تعني في كونك مشبِّهاً أن تذكر حرف التشبيه أو تستعير،