للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فلّما بلغ إلى قوله " تُزْجِي أَغَنَّ كَأنَّ إبْرَةَ رَوْقِهِ ". رحِمتُه وقلتُ قد وقع ما عساه يقول وهو أعرابيٌّ جِلْفٌ جافٍ؟ فلما قال: " قَلَمٌ أَصَابَ من الدَّوَاة مِدَادَها " استحالت الرَّحمة حسداً فهل كانت الرحمة في الأولى، والحسد في الثانية، إلا أنه رآه حين افتتح التشبيه قد ذكر ما لا يحضرُ له في أوّل الفكر وبديهة الخاطر، وفي القريب من محلّ الظنّ شبَهٌ، وحين أتمَّ التشبيه وأدَّاه صادفه قد ظِفَر بأقرب صفةٍ من أبعد موصوف، وعثر على خبيءٍ مكانُه غيرُ معروفٍ، وعلى ذلك استحسنوا قول الخليل في انقباض كفّ البخيل:

كفَاك لم تُخْلَقَا للنَّدَى ... ولم يَكُ بُخْلُهما بِدْعَهْ

فكفٌّ عن الخير مقبوضةٌ ... كما نُقضت مِئةٌ سَبْعهْ

وكفٌّ ثلاثةُ آلافها ... وتِسْعُ مِئيها لها شِرْعَهْ

وذلك أنه أراك شكلاً واحداً في اليدين، مع اختلاف العددين، ومع اختلاف المرتبتين في العدد أيضاً، لأن أحدهما من مرتبة العشرات والآحاد،

<<  <   >  >>