للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فيكون كيت وكيت، إذ لا يُتصوَّر بين الحياة الدنيا والماء شَبَهٌ يصحُّ قصدُه وقد أُفْرِد، كما قد يُتخيَّل في البيت أنه قصد تشبيه الممدوح بالليل في السُّخط. وهذا موضعٌ في الجملة مُشْكِلٌ، ولا يمكن القطع فيه بحكم على التفصيل، ولكن لا سبيل إلى جَحْد أنك تجد الاسم في الكثير وقد وُضِع موضعاً في التشبيه بالكاف، لو حاولتَ أن تُخرجه في ذلك الموضع بعينه إلى حدّ الاستعارة والمبالغة، وجَعْلِ هذا ذاك، لم يَنْقَدْ لك، كالنكرة التي هي ماء في الآية وفي الآي الأُخَر نحو قوله تعالى: " أَو كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ " " البقرة: ١٩ "، ولو قلت هم صيّبٌ، ولا تُضمر مِثلاً ألبتَّة، على حدّ هو أسد لم يجز، لأنه لا معنى لجعلهم صيِّباً في هذا الموضع، وإن كان لا يمتنعُ أن يقعَ صيِّب في موضع آخر ليس من هذا الغَرَض في شيء استعارةً ومبالغةً، كقولك: فاضَ صَيِّبٌ منه، تريد جوده، وهو صَيِّب يَفيض، تريد مندفق في الجود، فلسنا نقول إن هاهنا اسمَ جنسٍ واسماً صفةً لا يصلح للاستعارة في حال من الأحوال، وهذا شِعب من القولِ يحتاج إلى كلام أكثر من هذا ويدخل فيه مسائل، ولكن استقصاءه يقطع عن الغرض. فإن قلت فلا بدّ من أصلٍ يُرجع إليه في الفرق بين ما يحسُن أن يُصرَف وَجْهُه إلى الاستعارة والمبالغة، وما لا يحسن ذلك فيه، ولا يُجيبك المعنى إليه، بل يصدُّ بوجهه عنك متى أردته عليه.

<<  <   >  >>