ولوجوب اعتبار هذه النكتة في وصف اللَّفْظ بأنه مجاز، لم يَجُز استعماله في الألفاظ التي يقع فيها اشتراك من غير سبب يكون بين المشترِكَيْن، كبعض الأسماء المجموعة في المَلاحن، مِثْلُ أن الثَّوْرَ يكون اسما للقطعة الكبيرة من الأَقِطِ، والنهار اسمٌ لفرخ الحُبَارَى، والليل، لولد الكَرَوان، كما قال:
وذلك أن اسم الثور لم يقع على الأقط لأمرٍ بينه وبين الحيوان المعلم، ولا النهار على الفرخ لأمْرٍ بينه وبين ضوء الشمس، أدّاه إليه وساقه نحوه، والغرضُ المقصود بهذِه العبارة - أعني قولَنا: المجازُ - أن نبيّن أن للَّفظ أَصلاً مبدوءاً به في الوضع ومقصوداً، وأنَّ جريه على الثاني إنما هو على سبيل الحُكْم يتأدَّى إلى الشيء من غيره، وكما يعبَق الشيءُ برائحةِ مايجاورُه، وَينْصَبغ بلونِ ما يدانيه، ولذلك لم ترهم يُطلقون المجاز في الأعلام، إطلاقَهم لفظ النَّقل فيها حيث قالوا: العَلَمُ على ضربين منقولٌ ومرتجلٌ، وأن المنقول منها يكون منقولاً عن اسم جنسٍ، كأسد وثور وزيد وعمرو، أو صفةٍ، كعاصم وحارث، أو فعل، كيزيد ويشكر أو صَوْتٍ كبَبَّة، فأثبتوا لهذا كله النَّقل من غير العَلَمية إلى العلمية، ولم يروا أن يصِفُوه بالمجاز فيقولوا مثلاً: