كقولك في نحو قوله تعالى:" لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ "" الشورى: ١١ " إن الجرّ في المِثْل مجازٌ، لأن أصله النصب، والجرُّ حكمٌ عَرَض من أجل زيادة الكاف، ولو كانوا إذ جعلوا الكاف مزيدة لم يُعملوها، لما كان لحديث المجاز سبيلٌ على هذا الكلام، ويزيده وضوحاً أن الزيادة على الإطلاق لو كانت تستحق الوصفَ بأنها مجاز، لكان ينبغي أن يكون كل ما ليس بمزيد من الكلم مستحقّاً الوصف بأنه حقيقة، حتى يكون الأسد في قولك: رأيت أسداً وأنت تريد رجلاً حقيقةً. فإن قلت: المجاز على أقسام، والزيادة من أحدها، قيل هذا لك إذَا حدَّدتَ المجاز بحدٍّ تدخل الزيادة فيه، ولا سبيلَ لك إلى ذلك، لأن قولَنا: المجاز، يفيد أن تجوز بالكلمة موضعَها في أصل الوضع، وتنقلها عن دِلالة إلى دِلالة، أو ما قَارَب ذلك، وعلى الجملة فإنه لا يُعقَل من المجاز أن تَسْلُب الكلمة دِلالتَها، ثم لا تُعطيها دِلالةً، وأن تُخلِيَها من أن يُرَاد بها شيء على وجهٍ من الوجوه، ووصفُ اللفظة بالزيادة، يفيد أن لا يُرَاد بها معنًى، وأن تُجعَل كأن لم يكن لها دلالة قطُّ،