" أَصَمُّ عَمَّا سَاءَه سَمِيعُ " فَتُثْبَتُ له الصفتان معاً على الجملة، إلاّ أن مرجع ذلك إلى أن يقال إنه كان يفقد السمع في حال ويعود إليه في حال أو أنه في حقّ هذا الجنس فاقد الإدراك مسلوبه، وفيما عداه كائن على حكم السميع، فلم يثبت له الصمم على الجملة، إلاّ للحكم بأن وجود سَمْعه كالعدم، إلا أن ذلك في شيء دون شيء، وعلى التقييد دون الإطلاق، فقد تبيَّن أن أصل هذا الباب تنزيل الموجود منزلة المعدوم، لكونه بحيث لا يعتدُّ به وخلِّوه من الفضيلة، والطريق الثاني في شَبَه المعقول من المعقول: أن لا يكون على تنزيل الوُجود منزلة العدم، ولكن على اعتبار صفة معقولةٍ يُتصوَّر وُجودها مع ضِدّ ما استعرتَ اسمه، فمن ذلك أن يراد وَصْفُ الأمر بالشدة والصعوبة، وبالبلوغِ في كونه مكروهاً إلى الغاية القُصْوَى، فيقال: لَقِيَ الموت، يريدون لَقَي الأمر الأشدَّ الصعب الذي هو في كراهة النَّفس له كالموت، ومعلومٌ أنَّ كون الشيء شديداً صعباً مكروهاً صفةٌ معلومةٌ لا تُنافي الحياة، ولا يُمْنَع وجودها معه، كما يُمنَع وجود المَوت مع الحياة ألا ترى أن كراهة الوتِ موجودةٌ في الإنسان قبل