ولم يزل نجاح يطالبه حتى عزل، وأسلم إليه ليحاسبه، فكتب إلى صديق له: أنا مع أمير المؤمنين وتسليمه إياي لنجاح كما قال أبو تمام:
رأيتك من محبّك ذا بعاد ... وممن لا يحبك ذا دنوّ
ومع نجاح كما قال في البيت الآخر:
وحسبك حسرةً لك من صديقٍ ... يكون زمامه بيدي عدوّ
وكتب إلى المتوكل:
يا ملكاً أملك بي منّي ... اصفح فدتك النفس لي عنّي
والله ما خنتك في حالةٍ ... عالم ما أُبدي وما أُكني
ففيم سلّمت إلى حاسدٍ ... منيته راحته منّي
فأمر المتوكل أن يصالح فيما كان يطالب به، تخفيفاً عنه، وكان صالح الرأي فيه. ويذكر أنه قال له قبل عزله: بلغني أنك تتشاغل بالغناء عن الأمور! فقال: ما أُنكر يا أمير المؤمنين أني أستعين بهزل على جد، وبراحة على تعب، وأما الإضاعة فلو لم أقض حقك وحق الله لقضيت حق نفسي فيما يلزمني من ذلك!