المجمع وارتضاه عملوا بمقتضاه فاتفق جنس الأسود على حضور واحد منهم هو رئيسهم وكبيرهم ونفيسهم قد مارس الأمور وهو بالجلالة مشهور وبالفراسة والافتراس مذكور فقدموه عليهم لرجاحة رأيه.
واختارت طايفة النمور نمراً سريع الوبة قوي الضربة لطيف الحركات خفيف النهضات فقدموه عليهم واختارت جماعة الثعالب من بينها ثعلباً مليح الزوغات صحيح الاحتيال طالباً صرف الكلاب السلوقيات بحيلته التي اتخذها له سلاحاً ونفذ من غالب الأسود والنمور بالمكر والحيلة ونال نجاحاً قرم من القروم مكار معلوم واعتمد الذئاب على ذئب عجيب الحيل والختر شديد المكر والكسر طالما أفسد برأيه صنوفاً وخاض بمكره صفوفاً ما أفسد مفسد علمه ولا دخل داخل قطع فضله فرضوا به جميعاً وقدموه عليهم، فاختلى بهم الأسد وشاورهم في دفع هذا الشر والنكد فقال الأسد: لا نطلب النصر في هذا الأمر إلا بالاتكال على رب الجلال ونحن ما ابتدينا ولا ظلمنا ولا اعتدينا وهم بدونا بالعدوان فيرجعون بالخذلان ويرد الله كيدهم في نحرهم ويرجع عليهم وبال أمرهم، فنحن أمرنا دائر بين إحدى خصلتين إما الثبات وإما الفرار، فأما الفرار فلا سبيل إليه لأن ذلك شيء لم تعرفه الأسود وكونها لا تهاب اقتحام الأهوال أمر معهود وبنا يضرب المثل في الشجاعة والبسالة والفطانة والإقدام والنبالة وبنا تشبه الأبطال في الإقدام