فلما قرأ الفيل هاج وماج وضاع منه اللب والابتهاج وعميت منه الباصرة وصمت منه السامعة الموسرة وأراد يطأ الرسول تحت أقدام الفيول لكن راجع عقله ورد الذئب بجواب مجيب غير مصيب وقال: استعدوا للقتال ومصادمة الأفيال ومقاومة الأبطال ثم أمر بالعساكر فتجهزت وبأمور الحرب فتحربت فسار مالئاً بجنوده الغضا يوقدون جمر نار الفضاء فبلغ الملك المظفر أبا الحارث الغضنفر ما قصده الكلب الأكلب فاستشار في ذلك الثعلب لما له من الحيلة والمكر إلا عليه فقال: أعلم أيها املك أن عساكر الأفيال لا يعرفون سوى المصادمة والاندفاع مرة واحدة والمخاصمة لكن بعض العساكر يكون فيهم المواجهة والمشاقة والمناهشة والمعانقة والمهاوشة والممارسة والمكافحة والمناطحة والمطارحة والمرابحة والوثوب والمشاورة والزوغات والروغات والمصادرة والكيد والاغتيال للصيد والربوض في الكمين والنهوض من ذات الشمال وذات اليمين. وكل أرباب هذه الملاعب وأصحاب هذه الحرف والمذاهب من عسكرنا مجدون موجودون معدون معدودون فلابد من ترتيب كل واحد في مكانه وإبقائه بين اقرانه وأحزابه ببغيتهم ومحبتهم، وكان من قرب موضع حسن التضاف ترد المرابض والتعاف ذات مياه جارية وعليها جسور وقناطر عالية فاتضى رأي الأسد أن يطلقوا تلك المياه على البرية لتكون الطرق مخيفة، ثم إنهم قطعوا تلك المياه وصفوا عساكرهم في طرق الفلاه وقدموا أمامهم الثعالب والكلاب وكل سريع المجيء خفيف الذهاب وجعلوا وراءهم الذئاب والنمور والقرود والأسود ووقف الأسد في حاشيته وأهل دولته ومملكته ثم إن الثعالب وما معها دخلت بين الأفيال وصارت تنط عليها وتروع من بينها وتلعب