إلى نهر آخر فقال الحمار: النوبة لي فقال له الأسد اركب فركب الحمار واسترخى فثقل على الأسد ثم وضع حوافره فيه فتأثر الأسد لذلك وماج تحته فقال له أثبت مالك قال: يا أخي ما هذا الذي وضعته في ظهري قال: معي أربعون مسماراً هذا واحد منها ولابد من غرزها كلها في ظهرك وإلا فحصول الرزق ليس بهني ولا سهل فقال له الأسد: يا أخي سألتك بالله انزل عني واتركني في حالي لا أريد منك رزقاً ولا قوتاً فدعني أتقوت من حشاش الأرض ولا رايتك ولا رأيتني فنزل عنه الحمار وتركه الأسد فهرب وجعل يتلفت يميناً وشمالاً لئلا يدركه الحمار.
وإنما أوردت هذا المثل ليعلم بذلك حقيقة ما قررته إذ بالحيلة والوهم يبلغ المقصود ونرجو من كرم الله تعالى أن نبلغ مقصودنا من الأفيال وهذا مثل العاجز مع القوة ونحن بحمد الله أقوياء فينا قوة لمصادمتهم وقدرة على مقاومتهم فلا نكن في جزع من أمرهم ثم اقتضى الرأي إعادة الذئب إلى الفيال برسالة مضمونها يا أخي بصرك الله بعيوب نفسك ونصرك على جنوده أعلم أن واضع الشطرنج من أحكم حكماء الهند وكان أعقل الحكماء والبراهمة وقد وضع لكل من الحيوانات مكاناً وبيتاً وقرر له نوعاً من السير لا يتعداه ووضع للفيل مكاناً لا يتخطاه فأنا أخاف أن تتعدى من مكان هو مقامك وتقصد بيت الشاه فيفوتك أمرك ومرادك ويقول لك إقليدس: العقل يا رجل ما هذا بيت الفرس ولا بيت من يلعب بالرخ مع النفس هذا بيت الأسد والشاه هذا بيت مالك أن تتخطاه فتخرج من رقعة الوجود إلى رقعة العدم والخمود فلا تعتمد عظم جسدك وكف عن حقدك وحسدك ولا تقصد حرم كعبة غيرك فيصيبك ما أصاب الفيل حيث أرسل الله عليه طيراً أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول