قال الثعلب: ذكروا أنه كان في بعض المعاصر حمار يستعملونه الليل والنهار إلى أن ضعف وعجز عن العمل وانعقر فتركوه ولأجل الثواب اعتقوه وفي المراعي أطلقوه فتدرج في المرعى إلى أن خرج إلى الصحرا واستطرد بمرور الأيام إلى أن دخل في بعض الحدائق وصار يرعى إلى أن صحى وسمن واستقوى منه البدن وطال وطال دبره وزال عنه ضرره وصار يغدو وينهق على عادة الحمير إلى أن ملأ تلك الأماكن من النهيق والزفير. وكان في بعض الأكام أسد ضرغام عارف بالأمور لم ير طول عمره الحمير فلما سمع صوت الحمار مار واستولى عليه الفزع ولم يخرج من شدة ما داخله من الجزع واستمر عدة أيام لا يخرج من جحره حتى أهلكه الجوع والعطش وكان بالقرب منه عين ماءٍ يشرب منها إذا عطش فصار الحمار يتردد إليها ويشرب منها ولا يجتري الأسد على الدنو منها إلى كاد يموت من العطش فأخرجته الضرورة وهو عطشان متخوف وقصد العين ليشرب منها فرأى الحمار واقفاً عندها فداخله الرعب منه ثم قال وهو يرجف: من أنت فعرف الحمار أنه خائف منه فقال: له بقلب حاضر وجنان ثابت مصادر: أنا مفرق أرزاق الوحوش ومقسم أقواتهم عليهم فقال له الأسد: إني جائع وعطشان أريد أن تعطيني قسمي من ذلك الأكل والشرب فقال له: أدن واشرب ولا تسرف فدنا وشرب وهو خائف ثم قال له أنا جائع فقال له الحمار: تعال معي حتى أطعمك فمشى إلى أن وصلا إلى نهر ماء عميق فأراد العبور فقال الأسد للحمار: هذا الماء عميق احملني في الذهاب وأحملك في الإياب قال: افعل فوثب الأسد على الحمار فركب وقطع به النهر وفي أثناء ذلك أنشب مخالبه في ظهر الحمار وثقل عليه فلم يتأثر الحمار لذلك وثبت فقال الأسد في نفسه هذا حيوان وعر ثابت لا طاقة لي به، فقطعا الطريق فوصلا