ثم أفاض خلع الأنعام والكرم والاحترام على الوزير وشكر له حسن التدبير وارتفعت عنده منزلته وتضاعفت في الارتقاء مرتبته.
وإنما أوردت هذه الأمثال لتجري على هذا المنوال فإن كان عندك ما ينفي الشك والأغاليط ويحقق الحق ويميز الأخاليط فإن في إبدائه منة عظيمة ونعمة على الملك جسيمة ستبلغين بها إلى العيش الهني والمقام العلي السني. وإن أنت أخرت النصيحة فقد شاركت الخائن في أفعاله القبيحة. قالت الفأرة: ما أدق ما نظرت وأحق ما إليه أشرت لا تردد للعقل في هذا النقل ولكن من أنا في الرقعة وما الفأرة حتى تطلب الرفعة وأنا لست في العير ولا في النفير وإني من أول عمري ومبدأ أمري في زوايا الخمول أتحرز من فضلات الفضول لا لصحة في ولا لي صورة جميلة ولا لي في طريق السلوك سيرة نبيلة لا أمينة ولا ثقة وخير أسمائي الفاسقة فأنى أصير مصدقة أو أمينة موثقة وقد أباح سيد العرب والعجم معدن الفضل والكرم المبعوث لتتميم مكارم الشيم صلى الله عليه وسلم قتلي في الحرم والحل فلو طلبت محلة من فوقي لخرجت عن طائرة طوقي وصيرت نفسي ضحكة للناظرين ومرآة للساخرين خصوصاً ملك الأسود وسلطان النمور والفهود ورحم الله امرءاً عرف قدره ولم يتعد طوره، ومن أعجب العجب أن نخشى من شوك العنب ومن أحسن الأمثال ما يقال إن السلطان للأنام بمنزلة الحمام، البعيد عنه يطلب قربه والداخل فيه يشكو كربه فاللائق بحالي أن لا أشغل بالي الخالي بما لا يليق بي وبأمثالي حيث أشرت إلى بادي النصيحة في بيان الحال الفاسدة من الحالة الصحيحة طلباً لمرضات الملك وصوناً لخاطره عن الأمر المشتبك المرتبك، فأنا أمتثل مرسومك وأودع ذلك معلومك بشرط أن لا تذكرني بصفة ولا