تشير بنكرة ولا معرفة لا لصوني ورفعة قدري بل لتنزيه الأفواه عن ذكرى مقاصدها على ما اشترطت، فمدت القول وبسطت ثم ذكرت ما جرى وما كانت وقعت عليه من ذلك الخبر من كلام الدب في الجمل وما صدر بينهما من قول وعمل وفصلت تلك الفصول وقررت براءة الجمل بطريق المعقول والمنقول.
فلما اتضح للثعلب براءة ساحة عرض الجمل وأن الدب هو الذي أغراه على قصد الأسد وحمل وتحقق ذلك بالبرهان الساطع والدليل القاطع توجه إلى حضرة الأسد وأخبره بما صلح من الأمر وما فسد وإنما تأخر عن خدمة مخدومه ليصل ما في جيب الغيب من مكتومه، فلما اتضح لليث ما في هذا الأمر من صلاح وغش وتبين أن الصالح الجمل والطالح الدب أرسل إلى الغارب وأعرض عليه هذا الأمر العجاب وطلب منه الإرشاد إلى هدم ما بناه الدب من الإيقاع وشاد، قال الرأي عندي أن تجتمع العساكر وتجهز الندا بالاجتماع للبادي والحاضر وتحضر الدب والجمل وتعرض على الجميع هذا العمل فإذا ظهر الحق وانكشف الباطل عن وجه الصدوق وتبين الظالم من المظلوم وتعيين الصحيح من المثلوم ترآى برأيك السعيد ما يقتضيه وتسلك ما ترتضيه بحيث لا ينتظر في ذلك عنزان ولا يختلف عليك اثنان.
فلما كان ثاني يوم من أمر الأسد اجتمع القوم الكبير والصغير والمأمور والأمير ثم اعتلى الأسد أعلى السرير وأثنى على الله اللطيف الخبير ثم ذكر ما أهمه من هذه القضية المهمة وذكر فضل هذه الأمة وما لها من رفعة وجلالة وأنها لا تجتمع على ضلالة ثم قال ما تقولون في رفيقين شقيقين صديقين لم تكن بينهما مكالحة ولا منازعة ولا محايمة سوى المحبة والممالحة والمودة الصالحة يبيتان